يصنف صوت مؤذن الحرم المكي علي ملا ضمن أعذب الأصوات التي شدت بالأذان في تاريخ الحرم، وبحسب ما رواه ملا في حواره مع «الشرق»، فقد طلب الرئيس العام للحرمين الشيخ عبدالرحمن السديس من المؤذنين ترشيح أبنائهم الأكفاء للأذان في الحرم، مؤكداً عدم كفاية الموهبة للوصول إلى مكبرية الحرم. شارك ملا في افتتاح عديد من المساجد حول العالم الإسلامي، في فنزويلا، إسبانيا، وأذن في مساجد في مصر «جامع الحسين» في حضور الشيخ الحصري، وفي سوريا «الجامع الأموي» في دمشق، وفي إندونيسيا وماليزيا. وإلى نص الحوار.. * كيف كانت حلقات الحرم المكي الشريف حيث درس علي ملا؟ - درست في حلقة كانت تسمى حلقة الشيخ عاشور، وهذه الحلقة كانت تضم مجموعة كبيرة من الأولاد، وكان التعليم فيها على الألواح، والكتابة بالحبر الصيني، والأقلام البوص، وكانت الحلقة تتمركز لدى ردهة عند باب الزيادة. أما المعارف التي كنا ندرسها ذلك الوقت، فكانت الكتابة على الألواح، وكنا نحفظ جزء عم، وحروف الهجاء، إضافة إلى الحساب وجدول الضرب. * مسيرة الأذان في العائلة؟ كان جداي من ناحيتيْ الأب والأم الشيخ علي ملا والشيخ عبدالله خوج مؤذنينِ في الحرم، ومن بعدهما كان عمي عبدالرحمن ملا، وأبناؤه، وأنا طبعاً آخرهم، فالعائلة معظم أفرادها كانوا مؤذنين في الحرم، وكان الأذان منذ صغري من ضمن هواياتي، فقد كنت أثناء الدراسة أؤذن وأصدح بالأناشيد الإسلامية، إضافة إلى المشاركة في فرق التمثيل، كنت أشارك في كل النشاطات، ومن ضمنها الأذان في أوقات الصلوات، وهو النشاط الذي استأثرت به من دون باقي الطلاب. * كنت تؤذن مع والدك في الحرم، قبل توحيد الأذان، كيف تصف لنا المشهد وقتها؟ - كان الأذان في السابق يتم في المنارات، وكانت هناك منارة لا توجد فيها مكبرات صوت، فكان عاشقو الأذان وهواته يقصدونها ليجربوا فيها الأذان، وكنت من بين قاصديها، ثم انتقلت بعد ذلك إلى منارة باب الحكمة، وكانت فيها مكبرات صوت. * هل توقف الأذان في العائلة؟ - ابني الكبير لديه موهبة، والصغير ممكن أن تكون لديه، لا ندري. * لو تحكي لنا بعض المواقف الطريفة التي مرت بك أثناء عملك كمؤذن؟ - المواقف كثيرة خارج الحرم، وداخله، ومنها في الطريق إليه، ومن المواقف الطريفة في الحرم أن بعض المصلين كانوا يقصدونني لأسمح لهم بالأذان، كما أن منهم من كان يريد أن يصعد معي إلى المكبرية لمراقبتي أثناء الأذان، وطبعاً هناك أمور تمنعها الرئاسة نظراً لحساسية المكان، كذلك بعض المعتمرين يصرّ على الأذان، ويحاجج بأنه يؤذن في بلده، فلماذا لا يُسمح له بالأذان هنا؟! كذلك منهم من يتبعني في الطرقات وهو يؤذن، ومن المواقف أيضاً سؤال بعض الناس لي عن صوتي، وهل هناك أمور معينة أتبعها لكي يبدو على الطريقة التي هو عليها، وغيرها من الأمور. * أبرز المؤذنين الذين عاصرتهم؟ - عاصرت كثيراً من المؤذنين الذين كانوا يجتمعون في دكان الوالد حيث كان والدي صائغاً، وكان مؤذنو الحرم وقتها يجتمعون عنده، وأذكر منهم الشيخ حسن لبني، والشيخ عبدالله بصنوي، والشيخ عبدالرحمن بصمجي، والشيخ حسن جاوة، وهؤلاء كانوا هم الخامات الجيدة والقوية في الحرم، كذلك كان يجتمع بعض المؤذنين لدى عمي عبدالرحمن الذي كان يعمل صائغاً، وكنت ألتقي هؤلاء المؤذنين وأسمع منهم، كما أني تأثرت بعمي عبدالرحمن ونفَسه، وبعد التعيين صرت زميلاً لهؤلاء المؤذنين الرواد، إضافة إلى مؤذنين آخرين مثل الشيخ محمد رمل، والشيخ عبدالله الشامي، والشيخ إدريس كنو، والشيخ حسن شحات ووالده الشيخ أحمد شحات، والشيخ علي معمر، فكل هؤلاء المؤذنين عاصرتهم، وتعينت في الحرم وهم موجودون. * أبرز من عاصرت من أئمة الحرم؟ أنا عاصرت كل الأئمة الذين كانوا في الحرم بداية من الشيخ عبدالله الخليفي، والشيخ محمد السبيل، والشيخ علي جابر، والشيخ الأخضر، والشيخ علي الحذيفي، والأئمة كما تعرف كانت لقاءاتنا بهم محدودة، وكانت تتم في الحرم، أو في المناسبات والأعياد. * في رمضان كيف كان جدولك اليومي؟ - في رمضان كان الجدول يتمثل في الحضور لصلاة التروايح، وإذا كانت المناوبة لدي، كنت أحضر لصلاة المغرب والعشاء، وحتى لو لم تكن لدي مناوبة فقد كنت أحضر، لأن جميع المؤذنين كانوا يحضرون لصلاة التراويح، وكانوا يتناوبون، بحيث يأخذ كل واحد منهم تسليمة أو تسليمتين، أما الآن فهناك تنظيم معين فمن عنده العشاء يأخذ تسليمتين، والاحتياطي يأخذ أربع تسليمات وهكذا. وفي رمضان حينما كنت أؤذن الفجر، كنت أحضر قبل الأذان الأول بساعة ونصف ساعة، أو ساعة إلا ربع، وفقاً للتوجيهات. * رحلاتك الخارجية وافتتاحك لبعض المساجد والمراكز الإسلامية، هلا حدثتنا عن هذه الرحلات؟ - أنا اشتركت في البداية مع الشيخ محمد بن ناصر الخزيم في افتتاح مسجد في فنزويلا، وكانت هذه أول مشاركة، وآخر مشاركة كانت في إسبانيا في افتتاح مسجد بحضور صاحب السمو الأمير عبدالعزيز بن فهد، إضافة إلى افتتاحات كثيرة، كذلك أذنت في كثير من المساجد في العالم حيث أذنت في مصر في جامع الحسين بحضور الشيخ الحصري، وفي سوريا في الجامع الأموي في دمشق، كما أذنت في إندونيسيا وماليزيا. * كيف ينظر الشيخ إلى مستقبل الأذان في الحرم؟ الذي أراه الآن أن هناك هوايات ومواهب، لكن يبقى الوصول إلى الحرم صعباً، وبمجرد تعيين الشيخ عبدالرحمن السديس رئيساً عاماً اجتمع بنا كمؤذنين، وطبعاً طلبنا منه أن يعين أبناء المؤذنين ممن يمتلكون صوتاً وكفاءة وشهادة علمية، ورحب بالفكرة، وبأي أصوات تكون على مستوى جيد، وذات مخارج سليمة، ومستوى علمي. بطاقة تعريف * من مواليد 1366ه حارة سوق الليل في مكة * متزوج ولديه ولدان، أكبرهما يعمل في أمانة العاصمة مشرفاً على المكاتب الهندسية. * تخرج في معهد التربية الفنية بالرياض وعمل مدرساً لمادة التربية في عام 1390ه * احترف الأذان عام 1391ه وعُين مؤذناً رسمياً في الحرم المكي عام 1395ه * كانت لديه هوايات في الخط والرسم والتشكيل * عُين كبيراً للمؤذنين عام 1427ه بعد إصابة ابن عمه الشيخ عبدالملك ملا بوعكة صحية * ظل في منصب كبير المؤذنين مدة خمس سنوات وجاء الشيخ نايف فيدة خلفاً له.