توفي الكاتب المصري محمد البساطي الذي يعتبره النقاد من أهم روائيي وقصاصي جيل الستينيات في مصر والعالم العربي، بعد صراع مع مرض سرطان الكبد، على ما أفادت عائلته وكالة فرانس برس مساء السبت. كتب البساطي عن بحيرة المنزلة في بلدة الجمالية التي ولد فيها، روايته الخامسة “صخب البحيرة”، التي أطلقت نجمه في عالم الأدب، والتي وصف فيها جزءاً من عالم طفولة صعبة عاشها بعد رحيل والده المعلم في مدرسة البلدة. عاش البساطي عالم البسطاء في مصر، وكان من أهم كتاب جيله، أمثال جمال الغيطاني، وصنع الله إبراهيم، وبهاء طاهر، وجميل عطية، في التعاطي مع الواقع المصري، ونقله بصيغة إبداعية قريبة من الناس، لكنه لم يحظ بدعاية إعلامية لأعماله المتميزة، بالمقارنة بأبناء جيله، لأنه لم يسع إلى الإعلام، ولم يبحث عن الشهرة. وكان من أغزر أبناء جيله إنتاجاً، خصوصاً في السنوات العشرين الأخيرة من حياته، وفي الأعوام التي أعقبت وصوله لسن التقاعد، حيث أنجز عدداً من الروايات الخاصة والمتميزة التي شقت إطاراً وعالماً فانتازياً لها على علاقة بالواقعية السحرية. وصف النقاد الذين منحوه جائزة العويس في دورتها السابعة العام 2000 2001 أسلوبه الروائي بأنه “يتسم بالاقتضاب البليغ الدال سرداً وأسلوباً ومعنى، ويتوق إلى استحداث أفق شعري رائق”. وأضاف تقرير لجنة التحكيم يومها بأنه “يعمد إلى التجربة الاجتماعية والنفسية والسياسية، فيلقي النور على الجوهري فيها، محتفظاً بما هو إنساني عام لعرضه ضمن بنية تخيلية تمتاز بالشاعرية. فالبساطي هو كاتب الإيماء والرمز والألوان الخفية واللمح السريعة، بحيث تقتضي أعماله حضور القارئ وإسهامه في القص”. ورفض البساطي طوال حياته الجوائز التي تمنحها الدولة المصرية، خصوصاً في ظل نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. ورفض كذلك العلاج على حساب الدولة، رغم محاولات وزراء الثقافة المتعاقبين إقناعه بذلك، قائلاً لوكالة فرانس برس في وقت سابق أنا “لم أقبل جوائز الدولة حتى أقبل أن أعالج على حسابها، ولن يكون موقفي الذي اتخذته طوال حياتي في مواجهة الظلم والقمع قد تنازلت عنه. فلم يتغير شيء حتى الآن”. ودار عالم البساطي في رواياته الأولى ضمن أجواء الريف، من خلال التفاصيل الدقيقة لحياة أبطاله، إلا أنه خرج عن هذا الهامش في أعماله الأخيرة. وتم تشييع جثمان البساطي أمس الأحد من مسجد رابعة العدوية، ليوارى الثرى في مدافن أسرته في القاهرة. أ ف ب | القاهرة