لم يخش شباب الثورة اليمنية من الإعلان عن قناعةٍ مفادُها أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ما زال مسيطراً على عدد ٍ من مفاصل الدولة وفي مقدمتها بعض مكونات الجيش “الذي لن تتحقق أهداف الثورة دون تطهيره من زبانية النظام السابق” طبقاً لتعبيرهم. واعتبر شباب الثورة في اليمن أن القيادة الجديدة للبلاد تعيش نوعاً من الفتور والابتعاد عن الشارع اليمني الذي أوصلها للسلطة، بل إن البعض منهم يجد الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي غير قادرٍ على الخروج من منزله حتى لحضور الاحتفالات الوطنية. وفي أعقاب صلاة جمعة نصرة الشعب السوري في ميدان الستين بصنعاء أمس، التي شهدتها “الشرق”، اعتبر بعض الثوار أن الأمور في بلادهم ما تزال كما هي عليه في السابق، في إشارة إلى بقاء الرئيس المخلوع، كما يصفونه، مسيطراً على الدولة. ويجد أحمد السلامي، وهو طالب جامعي يمني وأحد شباب الثورة، في الرئيس الحالي هادي بعضاً من الغموض، ويقول “نلمس خشيةً في نفس عبدربه رغم أن العالم بأسره معه، إلا أننا لم نلمس أي إجراء أو قانون حازم، والقيادة في اليمن لم تصل للشعب حتى الآن، وهو ما يقلقنا على مستقبل اليمن أولاً وأهداف الثورة”. أما إبراهيم الذيفاني، وهو أحد شباب الثورة أيضاً، فرأى أن عملية التغيير لن تنجح إلا باستئصال كل بقايا النظام السابق خصوصاً داخل المؤسسات العسكرية حيث ما تزال عائلة صالح موجودة، لكنه أبدى قناعةً بأن هذا الهدف سيتحقق تدريجياً خصوصاً بعد مؤتمر الحوار الوطني الذي يعلق الثوار آمالاً عريضة على نتائجه. ويجمع اليمنيون أن المبادرة الخليجية كانت الحل الوحيد لخروج صالح من سدة الحكم، لكن يبدو أنه استطاع الالتواء عليها، بدليل استمرار سيطرته على كثير ٍ من مفاصل الدولة، كما يقول الشاب أحمد السلامي. ويضيف السلامي “نحن كشباب يمني نقدر لدول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، حرصها على أمن اليمن ورعايتها المبادرة، لكن على الأرض الرجل ما يزال موجودا، وهنا أساس المشكلة التي انتفض من أجلها شباب اليمن، وبالتأكيد لا نملك تحميل تلك الدول مسؤولية بقائه حتى الآن، لكن هذا هو الحاصل بالفعل، الذي لا نستطيع إنكاره”. وحضرت المبادرة الخليجية بقوة في خطبة الجمعة في الميدان، كما حضر الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في الخطبة أيضاً، حيث قال الخطيب الشيخ محمد الرويشان إن مشروع الرئيس المصري الجديد الذي تم محاربته من قِبَل وسائل إعلام عديدة، استطاع الصمود، معتبراً ذلك من باب التغيير الذي “لن يعيقه ظلم”. وتابع “نرى في مصر، الدولة العظيمة، مرسي يصعد على كرسي الانتصار، بينما محمد حسني مبارك على كرسي الاحتضار، ويجسد ذلك أقوى معاني الإرادة والحرية والعدالة”. وأردف قائلاً “اليوم أيها الثوار والثائرات نتنفس الحرية ونرى انتصار العدالة والمساواة فقد جاء هذا الصبح ليؤكد تفوق الصدق على الكذب وقدرة الشعب اليمني والشعوب العربية أيضاً على قمع الظلم ودحره، والأيام كفيلة أن تصوّب رؤى الثوار على اعتبار أن نهجهم وحوارهم ليس حوار طرشان ولا يسعى لأي مكاسب فردية أو شخصية بل يسعى لحصول كل الشعب اليمني على حريته ونهضته، وعلى الحكومة الجديدة أن تعي ضرورة وجود برنامج يحتمل تحقيق أهداف الثورة، وعليها ضرورةً أيضاً أن لا تبقى أسيرة للعهد الماضي وأسيرةً للظلام”. في الوقت ذاته، حمّل الشيخ الرويشان أبناء القبائل مسؤولية الحفاظ على ممتلكات الوطن وثرواته وأن يعطوا صورةً حضارية ليمنٍ جديد ينعم به جميع أفراد الشعب اليمني دون استثناء.