يجتمع مجموعة من الصبية في أسفل عقبة وادي ذهب بالقرب من منحدر سحيق جنوب منطقة عسير بعد صلاة العصر أو في الظهيرة وأحيانا صباحا لممارسة هواية كرة القدم التي يعشقونها رغم صلابة أرضية الملعب. يخوض عبدالله 12 عاماً ورفاقه مباريات تنافسية لا يهتمون فيها كثيرا لأصول اللعبة أو قوانينها، يلعبون الكرة بلا خطوط تماس أو تقسيمات الملعب مثل دائرة المنتصف أو خط الستة، وما يربطهم داخل الملعب «لهجة محلية» هي بمثابة «الشيفرة» لا يفهمها سوى مجموعة من المسنين اعتادوا أن يشاهدوا حماس أبنائهم حتى وإن كان ركل كرة القدم صعبا في ظل لعب الكرة بالزي الشعبي. في هذا المكان كل شي من الممكن تغييره ولكن اللباس التقليدي الذي يشتمل على صديرية ملونة وإزار شهير وأحيانا خنجر، لا يمكن تغييره أو التنازل عنه كونه يمثل هوية الشاب التهامي في ذلك الوادي السحيق. يقول أحد الصبية كان حاضرا في الملعب «إنهم يعشقون كرة القدم ولا يعترفون بانتماءات نوادي العاصمة أو الغربية ولا يعرفون الأندية الإسبانية أو الدوريات العالمية ولكنهم يعلمون جيدا أن هنالك كرة قدم تنافسية ينسون من خلالها كل معاناة تلك القرى»، وما أن يسدل الليل ستارة حتى يخلد الجميع في نوم عميق، في انتظار إشراقة صبح جديد يعودون فيه إلى معشوقتهم «الساحرة المستديرة». لديهم هواية الاحتراف في كل شيء .. لا يلغون هوية اللباس حتى وإن دخلوا مضطرين في متاهات المدن عندما ينتقلون للدراسة في مركز الواديين الذي يعد أقرب مركز متمدن منهم أو الذهاب إلى أبها لمراجعة أمر حكومي أو سفر إلى مدينة أخرى يطلبون من خلالها آفاقا للرزق. يوضح يحيى القحطاني من سكان أحد هذه القرى أنهم يتطلعون إلى جيل من اللاعبين يواكبون تطورات كرة القدم، لكنهم يصطدمون بالتعقيدات بمجرد البحث عن هواية أو أمنية، مشيرا إلى أنهم يجدون السلوى والعزاء دائما في أصالة تراثهم وعبق الماضي، ويتمسكون حتى أخمص أقدامهم بقراهم وتقاليدها حتى وإن طالتهم الحضارة وضربت أطنابها في واديهم السحيق رغما عنهم . صبية في تهامة قحطان يلعبون الكرة بالزي الشعبي (الشرق)