دقّ رجال أعمال ومستثمرون في مصر ناقوس الخطر، بعد أن شهد سعر صرف الدولار، في أسواق الصرافة، ارتفاعاً أمام الجنيه المصري خلال الأيام الماضية، وسجل أعلى مستوياته في تعاملات شركات الصرافة رسمياً لأول مرة منذ عام 2003 فوق مستوى ستّة جنيهات. وحذر المنتجون من التداعيات الخطرة لارتفاعات سعر الدولار القياسية على الصناعة؛ ما يهدد بإغلاقها حال عدم قدرتها على توفير العملة الصعبة لاستيراد مستلزمات الإنتاج من ناحية، وعلى الاقتصاد المصري من ناحية أخرى، في الوقت الذي ترتفع فيه فاتورة الواردات من الخارج، خاصة للمنتجات الغذائية، ما يمثل عبئاً جديداً على المستهلكين؛ نتيجة ارتفاع الأسعار، وزيادة معدلات التضخم مجدداً. أزمة تنذر بكارثة ويقول رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، الدكتور محمد شكري، إن «الارتفاعات التي شهدها الدولار أمام الجنيه المصري خلال الأسابيع الماضية، تنذر بكارثة خطرة على الصناعات الغذائية في مصر، في الوقت الذي يتم فيه استيراد غالبية مكوناتها من الخارج، على الرغم من أن مصر بلد زراعي»، موضحاً أن الأيام المقبلة «ستشهد ارتفاعاً جديداً في أسعار الغذاء؛ نتيجة شحّ المعروض من الدولار، وبداية المضاربة عليه من جانب المقامرين؛ بهدف رفعه إلى مستويات قياسية جديدة، للتربح من هذه الممارسات، وفي النهاية يدفع ثمن ذلك جمهورالمستهلكين وأصحاب المصانع». ويوضح أن «مصر تعاني عجزاً شديداً في الميزان التجاري بنحو 18 مليار دولار، وهو ما يعدّ عبئاً جديداً على الاقتصاد، وفق بيانات البنك المركزي المصري». ويحذر شكري من موجة جديدة لغلق المصانع، حال عدم قدرتها على استيراد مستلزمات الإنتاج؛ نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار بصورة جنونية. تراجع معدلات الإنتاج ويرى رئيس غرفة الصناعات الكيماوية، الدكتور شريف الجبلي، أن «ارتفاع سعر الدولار يعدّ ميزة بالنسبة للصناعات التصديرية، التي تعتمد في إنتاجها على الخامات المحلية الصنع، وهو ما يعدّ فرصة لحصد العملات الصعبة، فضلاً عن أن ارتفاع الدولار مقابل تراجع الجنيه يعطي ميزة تنافسية كبيرة جداً للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية، لكن في ظروف بلد مثل مصر، يعاني من تضخم في ميزان المدفوعات بشكل كبير»، موضحاً أن «أهم أسباب ارتفاع الدولار خلال الأيام الماضية هو الجنوح للاستيراد بشكل مكثف، وعزوف كثيرين عن الإنتاج؛ ما أدّى إلى تراجع معدلات الإنتاج في مواجهة تصاعد معدلات الاستهلاك، وبالتالي لم تجد الحكومة والمستوردون بداً من الاستيراد من الخارج بشكل كبير». زيادة الدولار لن تفيد المستوردين ويشير الجبلي إلى أن «ارتفاع سعر الدولار يمثل كارثة على قطاع الاستثمار في مصر؛ لأن الكثير من المستثمرين لديهم التزامات بالدولار»، موضحاً أن ارتفاع سعر الدولار لأكثر من خمسين قرشاً خلال الأشهر الستة الماضية، يمثل عبئاً شديداً على الاقتصاد بصفة عامة، وقطاع الاستثمار بصفة خاصة؛ حيث إنه سيزيد كلفة الاستيراد، وبالتالي زيادة كلفة إنتاج السلع وأسعارها في السوق المحلية»، موضحاً أنه «مع الأسف الشديد، لن تؤدي زيادة قيمة الدولار إلى ترشيد استهلاك عدد من السلع المستوردة؛ فترشيد الاستيراد يجب أن يتم بناء على إجراءات حمائية تتخذ من جانب الصناعة والتجارة الخارجية لصالح المنتج المصري». استيعاب الحاصلات الزراعية ويوضح رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، شريف البلتاجي، أن «ارتفاع قيمة الدولار يصبّ في مصلحة المصدرين»، مشيراً إلى أن «قطاع التصدير، خاصة للحاصلات الزراعية، يعاني من مشكلة تتمثل في انخفاض اليورو والإسترليني والأزمة المالية التي تتعرض لها أوروبا بشكل عام؛ حيث تستوعب السوق الأوروبية من 40 إلى 45 %من الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية».