الحديث عن أكاديمية البرشا ، التي تسمى بال “لا ماسيا” لا ينتهي، بعد أن غيرت الكثير من مفاهيم كرة القدم في العصر الحديث أثبتت أن الكرة الجميلة يمكنها الفوز باستحقاق و أعادت المناولات القصيرة إلى كرة القدم، و دائما أشبه برشلونة بأنه مزيج من جمال كرة البرازيل عام 1982 و فاعلية الإي سي ميلانو عام 1989. من المسلم به في عالم الكرة اليوم أن فريق برشلونة هو النواة الأهم لمنتخب أسبانيا الفائز بكأس العالم الأخيرة، ففي المباراة النهائية أمام هولندا كان هناك سبعة لاعبين من خريجي هذه الأكاديمية. تعتمد الأكاديمية على فلسفة الكرة الشاملة الهولندية مع أسلوب اللمسة الواحدة و ما أصبح يسمى بال “تيكي تاكا”، و هي تهتم بالمهارات الفنية و الذهنية قبل الإهتمام بالقوة الجسدية. يقول شافي بأن اللاعب الذي يتمتع بمهارة عالية و عنده القدرة على رفع رأسه و التفكير بسرعة عالية جدا و لعب الكرة بدقة كان عنده فرصة أكبر في هذه الأكاديمية من لاعبين مفتولي العضلات. المنتخب الألماني كان قد خسر نهائي كأس أوروبا من المنتخب الأسباني عام 2008 ثم نصف نهائي كأس العالم 2010، و بين هذه الخسارتين، و تحديدا في صيف 2009، أجرت مجلة وورلد سوكر مقابلة مع مدرب ألمانيا يواخيم لوف أستمتعت جدا بقراءتها، و كأنها تلخص عالم كرة القدم الجديد. تكلم لوف كثيرا عن أهمية بطولة دوري أبطال أوروبا في صقل لاعبي المنتخبات الكبيرة، و أن الكثير من لاعبي المانيا كانوا غائبين عن الأدوار المهمة من هذه البطولة بعكس لاعبي أسبانيا، الذين كانت خبرتهم أربعة أضعاف لاعبي المانيا. ثم كان الحديث الأهم، فيقول لوف أن السرعة الذهنية في كرة القدم هي من أهم عوامل النجاح في كرة القدم اليوم. يقول أن الفرق الكبيرة تملك فلسفة في داخل النادي، و يحكي عن مشاهدته لمباراة تدريبية بين فريقي برشلونة الأول أمام الفريق تحت ال17 سنة. و يقول أنه لم يجد أي فارقا تكتيكيا أو مهاريا أو في السرعة و التمركز، هناك فارق في القوة و الخبرة. و لاعبي الفريق يتدربون على هذا الأسلوب من أعمار الثانية عشر فعندما يصلون للفريق الأول يكونوا جاهزين للإنسجام مع الفريق بسهولة. للتذكير أن من يتكلم عن الإنبهار بالسرعة هو مدرب المانيا و ليس مدرب هندوراس أو البانيا أو ماليزيا أو حتى بلجيكا. ذلك كان لوف الذي صنع فريقا سجل ثمانية أهداف مابين إنجلترا و الأرجنتين في كأس العالم الأخيرة، لكنه لم يستطع تجاوز أسبانيا. تذكرت حديث لوف و أنا أشاهد مباراة النصف النهائي الشهير و رغم أني كنت أشجع المانيا ذلك اليوم لكني كنت متأكدا بأن الكفة ترجح لأصحاب اللعب السريع. يوم الثلاثاء الماضي لعب البرشا أمام بوريسوف في دوري أبطال أوروبا في مباراة تحصيل حاصل، فنزل الملعب بلاعبي صغر السن بمعدل أعمار أقل من 23 سنة، معظمهم غير معروفين، و ليم يشارك أي من الثلاثي الذهبي (ميسي، شافي، إنيستا) . فقدم اللاعبون عرضا لا يختلف أبدا عن الفريق الأول من إمتاع و مهارة و فاعلية و سجل الصغار هدفين من الأهداف الأربعة. و كان كل الكلام في الإستوديو التحليلي مع الأخضر بلريش منحصرا حول “منظومة برشلونة” و أن “الصغار مثل الكبار لا يهم من يلعب و من يغيب” و “يبدو أننا نشاهد نفس المفاهيم و نفس الفلسفة، الصغار يقلدون الكبار.”