استبعد محللون سياسيون مصريون تكرار سيناريو الجزائر في مصر، سواء بانقلاب عسكري أو بحيلة قانونية تبطل الانتخابات، وذلك بعد تسريبات باستياء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حاكم البلاد خلال المرحلة الانتقالية، من مرابح الإسلاميين، وإبداء أعضاء داخل المجلس عدم رضاهم عن صعود الإسلاميين في مواجهة التيار الليبرالي. وأثارت هذه التسريبات جدلاً في الشارع السياسي المصري، لأنها أعادت للأذهان تجربة الجيش الجزائري، الذي منح نفسه دوراً سياسياً في مطلع التسعينيات من القرن الماضي. وانقلب على نتيجة المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، اعتراضاً على ارتفاع أسهم «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» مشكلاً مجلساً رئاسياً عسكرياً لحماية مدنية الدولة، ليبدأ حينها «عقد أسود» قُتِل فيه نحو 150 ألف مواطن جزائري، نتيجة مواجهات مسلحة بين الجيش والإسلاميين. ويرى المحلل السياسي، عمرو هاشم ربيع، أن الجيش ملتزم أمام الرأي العام الداخلي والخارجي باحترام نتيجة الانتخابات، والقبول بإرادة الناخبين، حتى لو وصلت بالإسلاميين إلى سدّة الحكم، قائلاً «تعهدات العسكر بتسليم السلطة لإدارة منتخبة واضحة، ولو تراجع عنها سيضع نفسه في موقف حرج». ويرى «ربيع» عدم دفع التيارات المدنية في هذا الاتجاه، حتى لو كانت متضررة من تفوق الإسلاميين «لأن انقلاب العسكر سيقضي حينها على فرص أي تيار» حسب رأيه، متوقعاً لجوء المجلس العسكري إلى استبدال سيناريو الانقلاب بسيناريو آخر أقل حدة، يستهدف إعادة طرح وثيقة المبادئ فوق الدستورية، ومحاولة تمريرها باعتبارها أداة ضامنة للحفاظ على مدنية الدولة، حتى لو تطور الأمر لصدام مباشر -لكن غير عنيف- بين العسكر، الذين يديرون شؤون الدولة منذ ستين عاماً، والإسلاميين، خاصة الإخوان الذين انتظروا ستة عقود للعمل في العلن. وتتفق العضوة البارزة في حزب الوفد الليبرالي، مارجريت عازر، مع هذه الرؤية، إذ تبدو مقتنعة بصعوبة تكرار السيناريو الجزائري، لأن الجيش المصري من وجهة نظرها غير مسيَّس، وهو ما سيضمن وفقاً لرؤيتها عدم التفاف المؤسسة العسكرية على نتيجة الصندوق، وتأمل «عازر»، التي حقق حزبها نتائج مُخيِّبة لآمال الليبراليين في المرحلة الأولى من الانتخابات، في تغيّر وجهة الناخبين خلال المرحلتين الثانية والثالثة وجولات الإعادة، نحو مرشحين يعبرون عن أحزاب غير ذات مرجعية دينية، حتى يزيحوا شبح الانقلاب العسكري دون انتظار موقف الجيش. فيما يرى الناشط السياسي جورج إسحق، وأحد قيادات حركة «كفاية» أن التيار المدني كفيل بمواجهة أي محاولة من الإسلاميين لتغيير صفة مدنية الدولة، من خلال التوسع في توعية المواطنين بخطر النظام الديني، ورغم اعتراف «إسحق»، الذى خَسِرَ في الجولة الأولى من الانتخابات أمام مرشح إخواني، بتقصير الليبراليين في المواجهة مع الإسلاميين، إلا أنه يُحمِّل المجلس العسكري جزءاً من المسؤولية بقوله «لم يمنحوا اللجنة العليا للانتخابات صلاحيات واسعة لمنع الدعاية الانتخابية على أساس ديني، لدرجة أننا تلقينا في المجلس القومي لحقوق الإنسان ألفي شكوى عن انتهاكات أمام مراكز الاقتراع وداخلها».