قبل أمس، خلال فعاليات قمة (ريو + 20) المنعقدة حالياً في البرازيل، رأيت رئيس كوريا الجنوبية يستقل سيارة كورية الصنع من نوع هيونداي. وكانت وسائل الإعلام الحاضرة في المكان تلتقط صوره وهو يغادر الفندق إلى مقر القمة. وفي كل لقطة للرئيس، وهو يستقل سيارة من صنع بلاده، رسالة مهمة، يعنيها الرئيس، عن بلاده. فمثلما أبهرت كوريا العالم كله بنموها الاقتصادي المتسارع -التي أطلق عليها بسببه المعجزة الشرق آسيوية- ستبهر صناعة السيارات الكورية العالم وهي تسحب البساط من تحت أقدام نجوم الصناعة العالميين ممن سبقوا كوريا بعشرات السنين. بل إنها اليوم منافس عالمي قوي حيث تنتج سنوياً أربعة ملايين سيارة. الكوريون -بدءاً برئيسهم- يفاخرون اليوم بصناعتهم التي تحتل موقع المنافس العالمي وإلا لما نجحت كوريا الجنوبية أن تصبح في قائمة الأقوى اقتصادياً وفي وقت وجيز. إلى عهد قريب، كانت السيارة الكورية كثيرة المشكلات، رخيصة السعر، وكأنها سيارة من لا يقوى على شراء سيارة. تعلم صناع السيارات الكورية من أخطائهم وصاروا -في السوق العالمية- رقماً مهماً ينافس بجدارة في صناعة السيارات العالمية. الإيمان العميق والعمل الجاد كفيلان بالوصول للمراكز المتقدمة. وذلك مبدأ ينطلق من الفرد إلى الأمة. ونمو كوريا الجنوبية الاقتصادي كان من ثمار انفتاحها الذكي على العالم عكس جارتها الشمالية التي تخزن الأسلحة وتخطط لبناء السلاح المدمر فيما المجاعة تهدد شعبها. وهكذا انقسمت كوريا إلى دولة تحارب العالم بفقرها وجنون قادتها ودولة تنافس العالم بصناعتها وحكمة قادتها. ولا غرابة أن تنتصر الحكمة على الجنون! ولهذا فإننا في العالم العربي معنيون بقراءة تجارب النجاح العالمية، في السياسة والاقتصاد والتجارة والعلوم، كي نتأكد أنه لا مستحيل مع الإيمان الصادق والعمل الجاد. ولنا في اقتصاد كوريا الجنوبية وصناعتها دروس وعبر!