أُرهقت وأنا أحاول تنظيف ما صنعه الآخرون، حاولت أن أكون منفتحة ومتقبلة للآخر كما هو لكن الآخر من خنقني وحشرني في صورة مسبقة، العالم يحرص على سلامة الأقليات، لكنها وصمة حينما تباد أكثرية! أنا محافظه ولست متحفظة، لا أتهم الزمن الجميل، لكنني لا أسمع عبدالحليم ولا أم كلثوم، صحيح أنني لا أنكر شرف أم كلثوم وهي التي لم تغنِّ يوماً مستلقية، أو تغنِّ وهي تغتسل، وكذلك عبدالحليم الذي لم يفتح قميصه حتى نرى سرته، ومع هذا أنا لا أسمع لهما، أو لغيرهما، قد يلمز أو يغمز بي، بأنني متشددة ويجب عليّ الانفتاح ولو لبعض الشيء! لا أدري إلى أي مدى يجب عليّ التنازل؟ عن معتقداتي لأبدو منفتحة؟ لم أحمل رشاشاً أو تروقني أفكار عنف المتشددين، التفاصيل لا تعنيهم بقدر الحرص على الأفكار التي تروق لهم، فرغبة القتل تقضي بحصولها، سواء كان المقتول مسلماً أو غير مسلم! محارباً أو مسالماً؛ لا أدري ما الذي يلزمني كي أثبت دائماً أنني لا أشبههم؟ لماذا نجد أنفسنا مدفوعين أو مرغمين أن نثبت أننا غير مخيفين وغير مسلحين بالأفكار المتشددة؟ أو أن نهدي جرائمنا لله؟! وعلى الضفة المشابهة، هناك من يئنّ لأن البعض يختم بأختام «انتهاء الصلاحية» للبعض! ربما كتاب فقه الروض المربع وفقه المنار وكتاب العقيدة الطحاوية والواسطية وكتاب رياض الصالحين للنووي في الحديث، التي هي غالب ما يقرأ الناس المثقفون والبرجوازيون والبسطاء والمغمورون أمثالي، وحتى العلمانيون والحداثيون المنقطعون عن سرب الانغلاق الحداثي، هي الكتب الأكثر انفتاحاً وتصالحاً مع النفس والحياة بكل زواياها، بينما من يقرأون الأفكار الجميلة، لا يستحضرون أنها جميلة، صحيح أن الثقافة مطلوبة، ولكن ما هو مطلوب أكثر التطبيق وفق المساحة المتاحة، فما يستطيع أن يفعله هذا، قد لا يستطيعه ذاك. ومن هنا ربما أتت الفوضى والتشدد والتماهي الأكثر من اللازم! فكل واحد يريد أن يطبق على الناس كل ما ورد في الكتب، لكنه يتبع سياسة النأي بالنفس عند تطبيقها على نفسه.