يقصد بالعولمة الدينية في الغرب – بكل أسف في معناها الواسع التركيز على ما يوجد في أي مجتمع من المجتمعات، كالمجتمع الغربي، ما يطلق عليه بالتطرف، العبارة التي يرددها مثقفو تلك المجتمعات وكتابها في مختلف وسائل الإعلام، بهدف بث الفتنة بين أطياف المجتمع الواحد مع المجتمعات التي لا تتفق مع مبادئها ودساتيرها النابعة في الأصل من هؤلاء المثقفين والكتاب، لذلك لا توجد عولمة دينية على وجه الإطلاق! لأن العولمة تغذي مبدأ (التطرف) الذي مصدره الرئيس الغرب بشقيه الأوروبي والأمريكي والاسكندينافي، والتطرف الغربي يؤجج الشعوب على بعضهم البعض لتفعيل صراع الحضارات بينها، أي بين الشعوب و الأمم والدول، فيسهل على القوى الغربية المحركة للعولمة تحقيق أهم أهداف العولمة الرئيسة، وهي : إلغاء الحدود بين الدول، ومحو(الهوية الوطنية) (المحلية) واستبدالها بهوية العولمة ! ومع مرور الوقت ، يصبح الولاء لقادة العولمة، وليس لزعماء أو قادة أو رؤساء الدول ! كما تصبح حركتي الاستيراد والتصدير لاقتصاديات الدول، وكافة وسائل الإعلام والتعليم والثقافة تحت نفوذ هؤلاء ( القادة ) قادة وزعماء ورؤساء العولمة، وهم أصحاب الشركات الغربية ( الأوروبية، الاسكندينافية، الأمريكية ) المتعددة الجنسيات تحت هيمنتهم وسيطرتهم ! فالعولمة صراع على السلطة ( الزعامة )، وصراع على سيادة الدول ومواردها – أياً كانت – طبيعية أو نفطية أو معدنية أو سيولة مالية، وصراع على هيمنة شعوب الدول عبر مقراتها ( الفروع ) الإقليمية للشركات الغربية المتعددة الجنسيات المنتشرة في مدن العالم الكبرى كالعواصم، وبعض المدن الرئيسة الأخرى كحكومات إقليمية مستقلة يتم تغذيتها شيئاً فشيئاً بكل احتياجات ومستلزمات الدول للهيمنة وبسط النفوذ والسيطرة على كل ما يوجد فيها من كفاءات بشرية وإمكانات مادية وثروات طبيعية ! والعولمة الدينية – باختصار شديد – تمحور غربي ( يورو، اسكندنافي، أمريكي ) مدعم بنظرية العناصر المتقابلة المتصارعة ! والإسلام يرفض هذا الطرح للعولمة الغربية القائمة على المواجهة التقابلية الداعية إلى الصراع من أجل إلغاء الحدود بين الدول والشعوب، ومحو الهوية الوطنية والاستيلاء على موارد الدول البشرية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والإعلامية، فالمسلمون في جميع أنحاء العالم يتوجهون – زرافات ووحدانا- في ديانتهم نحو قبلة واحدة ويتجمعون في مكان واحد لأداء فريضة الحج . ويقبل الإسلام التعددية والتنوع بكل إيجابية لأن مرتكزاته الأساسية وقيمه تقوم على التعايش مع الأخر. وتعزيز واحترام الخصوصيات التي تميز الشعوب بعضها عن بعض، وتجعل ثقافاتها وثوابتها وتقاليدها وعاداتها في متناول الآخرين للإثراء والاستفادة لا للتندر والاستخفاف والصراع، وإنما للتقارب والتعارف والاكتشاف والتواصل والتسامح ونقل العلم النافع والمفيد الذي هو أساس لبناء قدرة الإنسان ورفع مهاراته التنافسية لتأسيس نهضة علمية معرفية شاملة ومتجددة . قال الله تعالى في محكم التنزيل : «يا أيها الذين آمنوا إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم » . صدق الله العظيم .