تدخل المنطقة في نفق مرحلة من عدم الاستقرار بفعل الدور الإيراني المصر ليس على توسيع النفوذ فحسب، بل السيطرة على دول وحكومات، فإيران من خلال دعمها لنظام الأسد في سوريا، وإصرارها على إبقاء رئيس الوزراء نوري المالكي في رئاسة حكومة بغداد، ضاربة عرض الحائط بكل طموحات وحقوق الشعوب والقوى السياسية في هذين البلدين، ما زال نظام الملالي في طهران يصر على المضي قدما في المشروع النووي، الذي سيزيد من قوة إيران العسكرية وتصاعد محاولتها للتحكم والسيطرة على مناطق واسعة في الشرق الأوسط، في الوقت الذي بدأت إيران تحرك أدواتها في اليمن لعرقلة تنفيذ المبادرة الخليجية، ووضع العقبات في طريقها، ومحاولة خلط الأوراق عبر المزيد من الدعم لأطراف يمنية في الجنوب كما تنظيم القاعدة والحوثيين. الموقف الإيراني في العراق يشكل خطورة حقيقية على مستقبل البلد، وتأتي خطورة السلوك السياسي الإيراني في كونه عندما يفشل قادة إيران السياسيون في فرض إرادتهم أو رغباتهم على ساسة العراق، يلجأون إلى رجال الدين وإصدار الفتاوى لفرض إرادتهم السياسية ومشروعهم الفارسي بغطاء ديني طائفي، بل تعميم مبدأ ولاية الفقيه على العراق خاصة بعد طلبهم بشكل واضح من بعض الأحزاب السياسية (الدينية) العراقية التي خرجت عن حزب الدعوة بزعامة المالكي، التوحد مرة أخرى تحت جناحه، فحزب ولاية الفقيه أصبح في خطر ولا بد من إعلان حالة الطوارئ لإنقاذ رجل طهران في العراق ولو كلف ذلك ليس الفتاوى والتحريم فحسب، بل اتخاذ خطوات أمنية وعسكرية ضد خصومه. فزعماء طهران يعتبرون أن الإطاحة بالمالكي هو إطاحة بمشروع ولاية الفقيه في العراق، وبالتالي انكفاء مشروع الهيمنة، في الوقت الذي تهدد الثورة السورية وجود حليفهم الأقوى منذ عقود بالسقوط، وهذا ما يضعف وجودهم في لبنان أيضا، بعد رفض ثوار سوريا مشروع هيمنة حزب الله على مقدرات لبنان مما ينذر بمخاطر قد تكون جدية على مستقبل مشروعهم الفارسي الذي دفعوا من أجله عملاً دؤوبا استمر ثلاثين عاماً. العلاقة الإيرانية العراقية اليوم تماثل تماما العلاقة التي فرضها نظام الأسد الأب على لبنان، حيث كانت الحكومات تعيّن في دمشق كما رئيس الجمهورية والوزراء والقيادات الأمنية، والعسكرية، ويلعب المالكي في العراق دور إيميل لحود في لبنان، قبل أن تنهي ثورة الأرز في لبنان نظام التبعية لدمشق، وتنهي الوجود السوري هناك، فهل سينجح العراقيون في إنهاء الهيمنة الإيرانية بثورة نخيل ضد عمائم طهران وولاية فقيههم، سؤال قد تكون الإجابة عليه متوقفة على سقوط الأسد في دمشق.