تسعى مجموعة من المستثمرين المصريين والعرب للضغط بقوة على سوق المال بمصر لوقف اتفاق شراكة استراتيجية بين المجموعة المالية – هيرميس وكيو إنفست القطرية من أجل الفوز بكعكة أنشطة أكبر بنك استثماري في العالم العربي. ورد القائمون على هيرميس بهجوم مضاد للإسراع بتنفيذ الصفقة مع المستثمر القطري وإظهار فوائدها للسوق المصرية. كانت مجموعة مستثمرين مصريين وعرب تطلق على نفسها اسم “بلانيت آي.بي” ولم يسمع عنها من قبل فاجأت السوق المصرية يوم الأربعاء الماضي بعرض استحواذ بالكامل على هيرميس دون أن تكشف عن سعر العرض أو أي تفاصيل. وجاء العرض قبل نحو 48 ساعة فقط من اجتماع مساهمي هيرميس لاقرار اتفاقها بنك الاستثمار مع كيو انفست القطرية لاقامة بنك استثمار اقليمي. وكشفت بلانيت قبل ساعات من انعقاد عمومية هيرميس عن أنها تعرض سعرا قدره 13.50 جنيه (2.23 دولار) للسهم لشراء البنك الاستثماري المصري. لكن مساهمي هيرميس وجهوا ضربة لعرض بلانيت بموافقتهم يوم السبت الدخول في شراكة استراتيجية مع كيو إنفست القطرية لاقامة بنك استثمار اقليمي يغطي منطقة العالم العربي وافريقيا وتركيا وجنوب شرق اسيا. وستسيطر كيو إنفست على 60 بالمئة من البنك الجديد الذي سيسمى “المجموعة المالية هيرميس قطر” وستقدم 250 مليون دولار لزيادة رأسماله. إلا محمود عبد اللطيف رئيس مجلس إدارة بلانيت آي.بي قال لرويترز يوم السبت إن مجلس إدارة هيرميس مرر رفض عرض بلانيت اثناء وجود عدد كبير من المساهمين خارج القاعة لمتابعة جلسة النطق بالحكم على الرئيس السابق حسني مبارك. وقال وائل عنبة العضو المنتدب لشركة الاوائل لإدارة المحافظ المالية “هيرميس تمتلك أصول كبيرة وسيولة وفيرة تتخطى 15 جنيها للسهم. من سيفوز بهيرميس سيحقق أرباحا غير عادية في المستقبل مع عودة الانتعاش للسوق المصرية.” وتدير هيرميس أصولا تبلغ قيمتها نحو 4.7 مليار دولار وتمتلك العديد من الشركات التابعة بجانب حصة في شركة سوديك المصرية وحصة حاكمة في بنك الاعتماد اللبناني. ويأتي الصراع على هيرميس المصرية بعد ان سلطت الأضواء عليها منذ العام الماضي لصلتها بجمال -الابن الأصغر للرئيس المصري السابق حسني مبارك- الذي يملك حصة 18 بالمئة في وحدة الشركة للاستثمار المباشر وبعد الاتهامات الموجهة إلى الرئيسين التنفيذيين لهيرميس بالتلاعب بالبورصة والحصول على مبالغ مالية بغير وجه حق من بيع البنك الوطني المصري والتطورات السياسية. وأشادت منى ذو الفقار رئيس مجلس إدارة هيرميس في بيان صحفي يوم الأحد بالتحالف الاستراتيجي مع كيو انفست قائلة “إن صفقة بهذا الحجم ستعيد بناء الثقة في الاستثمار بمصر خاصة في ضوء تأثر المناخ الاقتصادي بالوضع السياسي الراهن.” وسقط الاقتصاد المصري في أزمة حين أطاحت الانتفاضة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط من العام الماضي إذ أغلقت البنوك لأكثر من شهر وأدى الانفلات الأمني إلى تعكير مناخ الاستثمار ونظم العاملون إضرابات للمطالبة بتحسين الأجور. وقالت ذو الفقار في البيان إن خطابات شركة بلانيت للمجموعة لم تقدم “أي ضمانة او التزام قانوني إلى شركة هيرميس ومساهميها بتقديم عرض الشراء.” وأضافت ان بلانيت لم تقدم “ما يفيد توفر الموارد المالية اللازمة لتمويل عرض الشراء أو الادلاء بمعلومات عن هوية المستثمرين ممولي عرض الشراء.” وتضم مجموعة بلانيت إلى جانب عبد اللطيف الرئيس السابق لبنك الاسكندرية المصري الملياردير المصري نجيب ساويرس وابن حاكم الشارقة الشيخ طارق بن فيصل القاسمي. وقال عنبة من الاوائل لإدارة المحافظ المالية “عرض بلانيت حقيقي ويهدف إلى ان تظل هيرميس مصرية ولا تذهب بأسعار بخسة لقطر.” ونشرت بلانيت اعلانا بعنوان “معا للحفاظ على المؤسسات المصرية الوطنية” في عدد من الصحف المصرية تؤكد فيه أن عرضها لشراء أسهم هيرميس “هو الاختيار الأمثل للحفاظ على مستقبل المجموعة المالية هيرميس وحقوق المساهمين والعاملين بها.” وسعت بلانيت في الاعلان الذي احتل مساحة نصف صفحة في كبرى الصحف إلى استثارة مشاعر الوطنية قائلة إنها تأسست “من أجل غرض محدد وهو حماية المؤسسات المصرية الكبرى مثل هيرميس من خطر التفكك وللحفظ على حقوق المستثمرين الذين لا يزالون يريدون المشاركة في بناء مصر والاستثمار بها.” ويرى كريم عبد العزيز الرئيس التنفيذي لصناديق الاسهم بشركة الاهلي لإدارة صناديق الاستثمار أن سعر هيرميس الآن مغري جدا للشراء لانه أقل من القيمة العادلة للسهم. وقال “قطر تريد الاستحواذ على حصة هيرميس من كعكة المعاملات المالية في الاسواق العربية.” وحدد بنك عودة سرادار الخميس الماضي القيمة العادلة لسهم هيرميس عند 16.5 جنيه. وبعد أن قفز سهم هيرميس 10 بالمئة في مستهل تداولات يوم الاحد قلص مكاسبه ليغلق على 11.10 جنيه بارتفاع 1.2 بالمئة. ويرى عبد العزيز ان عرض بلانيت غير جدي لأنه لم يأخذ المسار الطبيعي بالمفاوضات مع ادارة الشركة ثم التقدم بعرض للرقابة المالية. لكنه اضاف “الأفضل للمساهمين في النهاية البيع بأعلى سعر ممكن للسهم.” وقالت هيرميس يوم الاحد ان شركة بلانيت لا تحتاج إلى موافقة من إدارة الشركة أو من الجمعية العامة للمساهمين قبل تقديم عرض شراء اجباري للهيئة العامة للرقابة المالية وفقا للقانون. وأكد عبد اللطيف إن بلانيت ستطلب من هيئة الرقابة المالية وقف الصفقة القطرية واجراء عملية تصويت ثانية بعد ان يسمح للمساهمين بالاستماع الي عرض شركته. وأكد لرويترز “هذا امر عادل للجميع. حجتنا القانونية ان اجراءات الجمعية العمومية لم تكن شفافة حقا ولم تتح للمساهمين فرصة للتفكير وان مجلس المديرين وجه المساهمين الحاضرين لاتخاذ قرار ضد عرض بلانيت آي.بي” وتابع ان مجموعته ارسلت خطابا لهيئة الرقابة المالية وتنوي الاجتماع مع رئيس الوزراء كمال الجنزوري لكسب مساندته للعرض. وقالت بلانيت في الاعلان إن العرض الذي تقدمت به “افضل بكثير من الصفقة التي تمت الموافقة عليها (مع كيو انفست) من ناحية السعر وطريقة دفع القيمة والأهم أن عرض بلانيت آي.بي يضمن الحفاظ على وحدة هيرميس بشكل متكامل.” ورغم موقف هيرميس من العرض وموافقة المساهمين على اتفاق كيو انفست قالت بلانيت انها لا تزال “مصممة” على الاستحواذ على هيرميس. وقال عنبة “صفقة بلانيت ستنعش السوق لأنها ستدفع لحامل السهم 13.5 جنيه للسهم وليس أربعة جنيهات.” وفي المقابل ترى ذو الفقار ان صفقة كيو إنفست “ستعكس أثرا ايجابيا على الاداء وضخ سيولة اضافية في سوق الاوراق المالية في مصر.” وقالت في البيان “بموجب الصفقة سيتم استغلال حصيلة البيع في توزيعات نقدية استثنائية في حدود أربعة جنيهات للسهم الواحد.” القاهرة | رويترز