هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا، أشهر فلاسفة العرب وأطبائهم. بلخي الأصل، بخاري المنشأ. بلغ الثامنة عشرة وأتقن سائر العلوم. أحب الطب وتفرغ له وكان فضلاء الأطباء وكبار علمائه يختلفون إليه ويقرأون عليه أنواعه. قال ابن خلكان: وفتح الله عليه أبواب العلوم. عالج الأمير نوح بن نصر الساماني أمير خراسان فقربه منه فوجد عند الأمير مكتبة عديمة المثل فاطلع على مافيها، واتهم بإحراقها لينفرد بعلومها كما زعم البعض. كان فقيها يلبس زي الفقهاء ويتردد على أمراء البلدان خوارزم ونسا وأبيورد وطوس وغيرها، وتقلد الوزارة لشمس الدولة بهمذان ثم نزل عنها. اشتهرت مؤلفاته الشفاء والحكمة المشرقية والقانون في الطب ورسالة الطير وغيرها، وكان لها الأثر البالغ على البشرية. وسلك في المنطق طريقة أرسطو وشرحه، واختصر المجسطي بطليموس. ووافق أفلاطون في عدد من آرائه. كان يرى بنظرية وحدة الوجود في كتابه الحكمة المشرقية الذي مات ولم يتمه. أثبت أن الله هو المحرك الأول للوجود، وهو واجب الوجود بذاته. وما سوى الله فهو واجب الوجود بغيره أو ممكن الوجود بذاته. وذهب إلى أن الله عز وجل أو واجب الوجود عقل وعاقل ومعقول بدون تكثر في الذات فهو عقل لأنه مجرد من المادة، وهو عاقل لذاته، ومعقول لها. واحتار ابن سينا في علم الله بالجزئيات والحوادث بين النفي والإثبات فتوسط في ذلك وقال إن الله يعلمها علما كليا إجماليا. ويرى أن الصفات الإلهية ليست معاني زائدة على الذات بل هي مركبة من علم وإضافة، أو سلب و إضافة، وأن إثباتها لا يكون تكثرا في الذات. ويذهب ابن سينا إلى نظرية الفيض وهذه النظرية قائمة على ثلاثة مبادئ: المبدأ الأول هو تقسيم الموجود الذي مر معنا، والمبدأ الثاني هو مبدأ العقل والتعقل كما مر أيضا. والمبدأ الثالث هو وأحدية الصدور والمصدر أي أن الله لا يصدر عنه إلا واحد هو العقل الأول فلو صدر عنه أكثر من واحد للزم صدوره من جهتين متعددتين وأدى إلى الانقسام. وعندما شعر بقرب وفاته جدد التوبة ورد المظالم وتصدق بماله وأخذ يختم القرآن في كل ثلاثة أيام حتى لقي ربه.