أنفقت الشركات الغربية أكثر من مليار دولار من الاستثمارات في تأسيس برامج كمبيوتر لرصد المزاج العام للناس وفهم ردّ فعلهم على قضية أو شركة معينة من خلال الشبكات الاجتماعية، وذلك ببساطة لأنها الوسيلة الأمثل لفهم الجمهور الذي يعبّر عن نفسه بشفافية عالية (مقارنة بوسائل الاتصال الأخرى). التايم لاين (لمن يتابع تويتر) كان أحمر بالغضب في الأيام القليلة الماضية، بعدما استيقظ العالم على مجزرة الحولة، ليس لأن عدد القتلى اسثتنائي فهو يدخل في «الكوتا» اليومية لنظام الأسد، ولكن الجريمة تؤكِّد أن من يقتل يملك دوافع تتجاوز الدوافع المعتادة للأنظمة السياسية الديكتاتورية التي تريد حماية نفسها بأي ثمن، مما يعني المزيد من الخطر على الشعب الأسير. هنا بعض ما قاله «الجمهور» على تويتر عن مجزرة الحولة والذي كان الأكثر شعبية عربياً: «أطفال مجزرة الحولة جعلوني ثائرًا ثم بليدًا ثم ثائرًا ثم بليدًا ثم ثائرًا ثم بليدًا.. لم يفعل بي أحد فعلهم.. جعلهم الله شفعاء لأهاليهم» (مروان المريسي)، وإذا كانت «شوكة في قدم طفل تقطع قلب أم وأب، فكيف برؤوس مقطعة وبطون مبقورة؟ الموقف أشد من أن تصوره حروفنا!». إنه حزن مرهق: «من وين لي نفس أذاكر واختبر وحال المسلمين في سوريا يرثى له.. حسبنا الله ونعم الوكيل» (بندر الشريف)، حزن يمتد للأعماق «حتى السكاكين تبكي الأطفال التي ذبحتهم!» (دلع المفتي). هذا الحزن جاء معه غضب على النظام السوري: «سمعت أن امرأة دخلت النار بسبب قطة لكني رأيت.. خمسين طفلاً يدخلون الجنة بسبب كلب». (@D7o0oM_KsA_72 من الرياض)، «مستحيل إنسان عاقل يقيد ملاكا ويذبحه، استحالة! من ذبحهم ليس بحيوان، بل شبيه إنسان،... تبرأت الإنس منه والجان» (سند من اليمن). «من قتل الأطفال في مجزرة الحولة ليس من جنس البشر أبداً!... وهو نسخة بشرية للشيطان! ما ذنب الأطفال لينحروا؟» (السيد حسن العبد الله). ولماذا؟ «بشار يقتل الأطفال لأنهم أول من كفر به، أول من قال له: أنت لست إلها ونحن لسنا عبيدا» (مهند غازي). وترافق الغضب على النظام السوري مع غضب على إيران التي تقدم له الدعم: «الصحفي التركي آدم أوزكوسه: قال لي مسؤول إيراني: «لو سحبنا دعمنا من بشار لسقط نظامه خلال ساعة».. (هل عرفتم من يقف وراء مجزرة الحولة؟» (الكاتب التركي إسماعيل باشا). والمجتمع الدولي المتقاعس لحقه غضب الجمهور أيضاً: «أبشروا يا عرب: مجلس الأمن سيصدر بياناً يدين فيه مجزرة الحولة» (سلطان البازعي) وهناك أيضاَ غضب على الذات: «لعنة الذل والمهانة والجبن سوف تغتالنا ببطء حتى نموت، قلباً قبل القالب!» (أسامة جمجوم)، «أعتقد أن الأجيال القادمة ستبصق على قبورنا بعد أن يقرأوا عن همومنا التي كنا نناقشها إبان ثورة سوريا» (علي الغامدي). «نحن نمنع أطفالنا من مشاهدة جثث الأبرياء الصغار خوفاً على نفسياتهم ولكن لا نعمل شيئاً لشعب يواجه أطفاله الموت المريع.. يا للهول!» (د. سلمان العودة). وهو غضب يحمل الذات نفس حجم مسؤولية القاتل أحيانا: «مدري طغا بشار والا طغينا.. أظننا وياه وجهين عمله..! هو يقتل أطفاله وحنا رضينا..! كم له يشن الحرب والصمت كم له؟» (راكان السناح). ويتحوّل هذا الغضب على الذات إلى اعتذار الضعيف: «عذراً شامنا الجريح! فليس فينا شجاعة عمر! ولم تسرِ بأجسادنا نخوة المعتصم! كل ما فينا هوان وخذلان! سيغنيك عنا الله يا شام الكرامة» (تراتيل). جزء من الغضب على الذات يمتد للعرب كافة: «طال الصمت يا عرب! أليس في صمتكم يا قومنا عجب! ماذا دهاكم وما يا قوم يخرسكم! فالأرض تُسلب والأعراض تغتصب» (أسماء البريكان). والحل حسب الشيخ عايض القرني: «صرف الزكاة لدعم الشعب السوري في جهاده في سبيل الله من أفضل أبواب الإنفاق». ولكن البعض رأى إشراقة الشمس في كهوف الظلام، فكان متفائلا: «مجزرة الحولة تؤكِّد مرة جديدة أننا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو قطعته بقية الأعضاء مخافة الحمى والسهر!» (سامي الحربي – الرياض)، «تفاءلوا.. فإنما مجزرة الحولة وغيرها من مبشرات النصر» (مروان المريسي). وبين الحزن والغضب والتفاؤل، هناك من وقف مشدوها بدون كلمات: «تجمدت الكلمات فلم أجد ما أقول» (المتلثمة بجمال شعرها)، لقد «كونّت مجزرة الحولة في داخلي فراغاً مخيفاً لا يستطيع شيء ملأه إلا... لا أدري» (@RQ_Nazh من عسير)». مجزرة الحولة [........] كل الحروف هربت من العبارة السابقة! عندما يكبر الحدث تصغر الكلمات وتشعر اللغة بالخجل والذل» (محمد الرطيان).