شاركت مؤخراً في مهرجان الخليج للإذاعة والتليفزيون في المنامة، وشد انتباهي خلال إحدى ندوات المهرجان عبارة لسامي النصف وزير الإعلام الكويتي السابق ذكر فيها أن دول الخليج مستهدفة اليوم بالقوى الناعمة أكثر بكثير من استهدافها بالقوى الصلبة. فقد أثبتت التجربة أن القوى الصلبة (الجيوش والقدرة العسكرية) هي عامل وحدة لتلك الدول، في حين تمثل القوى الناعمة الخطر الحقيقي. مصطلح القوى الناعمة وضعه (جوزيف ناي) بجامعة هارفارد وعرفه بأنه «القدرة على نيل ما تريد عن طريق الجاذبية بدلاً من استخدام القوة والأموال». مثال ذلك تنظيم القاعدة الذي استطاع بدهاء زيادة قوته الناعمة عبر توظيف جاذبية العداء لأمريكا. الكثير من الأطراف الخارجية والداخلية على حد سواء وجدت أن اختراق دول الخليج وتحديدا السعودية لن يتحقق بغير تلك «الجاذبية الناعمة» عبر وسائل الإعلام الجديد.. فالسعودية كأي دولة أخرى لديها بالتأكيد مشكلات كالفقر والفساد والبطالة، وهي أمور بالغة «الجاذبية» لمن يرغب في توظيفها لأهدافه، وبالتالي وجدنا استهدافاً متعمداً لعقول شبابها لبث روح اليأس فيهم وجعلهم يشعرون بشكل مبالغ فيه بالظلم والمعاناة. إن الحديث عن تلك المشكلات ونقدها أمر مطلوب نمارسه جميعاً بإيجابية، لكن الخشية تكمن في نجاح تلك الأطراف بتحويل ذلك النقد إلى مزرعة لليأس والإحباط، أو حتى تحويله من أطراف داخلية لأداة لتحقيق مآرب شخصية «بأنعم» الطرق وأقصرها.. ومثال ذلك ملاحظتي لصفحات بعض مناهضي تطوير عشوائيات جدة على تويتر وفيسبوك بتوظيفهم للمفهوم بدهاء لاستعطاف الرأي العام والضغط لرفع تعويضات عقاراتهم باستخدام عبارات استعطافية كالظلم والقهر والاستغلال. ثم دخلت معهم – ربما دون علمهم – أطراف خارجية لم تفوت الفرصة لدس رسائلها «الناعمة» بالمثل بدعوات للثورة والعصيان والتخريب. أنا لست من أتباع نظرية المؤامرة، لكن تخصصي في الإعلام الجديد جعلني أشاهد ما قد لا يراه البعض من دس للسم في عسل إعلامنا الجديد.