في تركيا، تم العثور على ما يعرف بمملكة ميداس أثريا. ولكن الأساطير اليونانية تذهب مذهبا آخر في رواية لعنة الثروة والجشع الإنساني، فقد حضرت آلهة الأوليمب بزعمهم كي تمنح بني البشر الفانين في ليلة من السنة ما يريدون. فقط عليهم أن يتمنوا فتتحقق الأمنية. هكذا قالت الآلهة لميداس. حك ميداس رأسه جيدا وقال أليس العالم يحكمه المال؟ ولكن أي مال؟ ليس ثمة إلا الأصفر الرنان: الذهب! أريد أن يتحول كل شيء ألمسه إلى ذهب. نعم يتحول من مكوناته الأولى إلى ذهب خالص. قالت الآلهة قد استجيبت دعوتك!خلال لحظات بدأت الدعوة في التحقق وافترت شفتا ميداس عن ابتسامة عريضة، كل شيء يلمسه يتحول إلى ذهب. حاول التأكد أولا فهو لا يكاد يصدق أن مثل هذا المعدن النادر يمكن أن يصبح في متناول اليد بهذه السهولة. جرب فوضع يده على القوارير والفرش والملاعق والكتب والمستندات والرفوف والأبواب. روعة.. روعة صاح ميداس كلها تلمع بشكل الذهب الرائع. ضحك من جديد وقال لقد ملكت العالم والرقاب! أليس النفوذ في العالم للمال؟.مر الوقت والأشياء تتحول إلى ذهب. قال في نفسه: لقد وفت الآلهة بما وعدت به حقا. أنا سيد السعداء. أنا ملك العالم. أنا سر الكون. لقد ملكت مفاتيح خزائن لم يحلم بها أحد.مر الوقت من جديد سريعا. هنا جاءت مفاجأة غير سارة حين انتبه ميداس إلى كأس الشراب الذي مد يده إليه لقد تحول إلى ذهب فابتسم ولكن غاضت الابتسامة حين رأى الماء داخله بلون الذهب؟ صاح هل يعقل هذا؟ سكب المحتوى. إنه ماء الذهب. لا.. لا.. صاح ميداس منزعجا ولم يصدق. من جديد مد يده إلى تفاحة رائعة محمرة وبمجرد ملامسته التفاحة انقلب اللون وزاد الثقل ولمعت أصفر بلون الذهب. ارتعب ميداس.. لا.. لا أنا لم أقصد هكذا.. سحب يده فلم يعد يلامس وبدأ يقترب بشفتيه فقط يريد شربة ماء يطفئ بها ظمأه أو قطعة بصلة يملأ بها معدته الخاوية. كان الماء ذهبا خالصا كما أراد والبصل جافا ثقيلا بقشرات الذهب الأصفر.. استولى عليه الرعب وصاح وصرخ واستنجد بالآلهة وما من مجيب، فقد تحققت نبوءته، ومات أخيرا بأشد العذاب عطشا وجوعا، وآلهة الأوليمب تضحك وتضحك، على صغر عقل الإنسان وجشعه وطمعه وقلة حيلته. بقي أن نذكر أن أعظم الصدمات له كانت حين سمعت ابنته بصراخه المجنون فهرعت إليه فاحتضنها فتحولت إلى تمثال من ذهب. لقد أصبح ميداس أغنى العالم شكلا، ولكن أفقرهم فعلا فهل يتعظ الأغنياء؟ لا أظن.