تتعرض مئات المواقع الجيولوجية الأثرية في المملكة، التي يعود عمر بعضها إلى ألفي مليون سنة، ولا تقدر قيمتها بثمن، للاندثار والعبث بها من قبل هواة جمع الأشياء الغريبة، وبعض الأجانب الذين يعرفون قيمتها فيهربونها معهم إلى بلدانهم، جراء إهمالها، وعدم حمايتها من قبل الجهات المعنية، بتحديد إحداثياتها، وتسويرها، ومنع إصدار تراخيص لإقامة مشروعات أو أعمال تنقيب فيها، خصوصاً أن كثيراً منها غنية بالمعادن. د. عبدالعزيز الشيباني وكشف رئيس قسم علوم الأرض في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الدكتور عبدالعزيز الشيباني، تعرض مواقع أثرية جيولوجية هامة للاندثار، منبهاً إلى ضرورة حماية المواقع الأثرية الجيولوجية، بالتعاون بين هيئة المساحة الجيولوجية وهيئة السياحة والآثار، وإمارات المناطق، ومثال ذلك متكون عنيزة الغني بالأشجار المتحجرة، وأحافير الديناصورات في مدين، وحائل، وغيرها، على غرار الحماية التي تحظى بها هذه المواقع في الدول الغربية، وبعضها يمكن تطويره ليصبح موقع جذب سياحي كجبل القارة في الأحساء، والفوهة البركانية في الطائف عمقها 300 متر، كما أن أهميتها تنبع من أنها سجل للعمر الجيولوجي للطبقة الحاملة للأحافير مثلاً، ويستفيد منها المختص والدارس، واندثارها ضياع للدليل على عمر الطبقة، والمناجم القديمة التي كانت تستخرج منها المعادن يدوياً، والبراكين والعيون المتحجرة، كما أن كثيراً من الناس نهبوا قطعاً كبيرة من مواقع أثرية، مبيناً ضرورة تحديد إحداثيات هذه المواقع الأثرية من قبل هيئة المساحة الجيولوجية، وتفعيل السياحة الجيولوجية. د. عبدالعزيز اللعبون وأوضح المستشار الجيولوجي وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، الدكتور عبدالعزيز اللعبون، أن مئات المواقع الأثرية والجيولوجية، التي لا تقدر بثمن، مهددة بالخطر والنهب، إما من قبل أجانب يأخذونها ويهربونها إلى الخارج، أو من قبل المهتمين بجمع الأشياء الغريبة، فيأخذونها للزينة، كزهور الصحراء التي فقدت من أغلب المساحات التي كانت تحويها قبل عشرة أعوام في أغلب مناطق المنطقة الشرقية، وإزالة جزء بسيط من متكون عنيزة الأثري قبل عام ونصف، بهدف التوسع العمراني، الذي يعود عمره ل280 مليون سنة. وانتقد اللعبون عدم حماية كثير من هذه المواقع رغم أهميتها العلمية والجيولوجية والأثرية البالغة، واصفاً المملكة بالكتاب الجيولوجي النادر، الذي ليس له مثيل في كل العالم، منوهاً بأهمية المعالم الجيولوجية في الدرع العربي، التي تحوي صخوراً نارية متحولة يتراوح عمرها بين 542 إلى ألفي مليون سنة، وتحوي مختلف المعادن، من ذهب، وفضة، ويورانيوم، وحديد، وغيرها، إضافة إلى المعالم الجيولوجية في منطقة الرصيف العربي الممتدة من وسط المملكة إلى شرقها وشمالها وجنوبها، التي تحوي الصخور الرسوبية المتحولة بأنواعها، وتختزن فيها المياه الجوفية والنفط والغاز والنفط الخام والمعادن، كالأملاح والفوسفات، وديتومات، وهي معادن اقتصادية للبناء، ولرصف الطرق، منوهاً إلى أن الصخور الرسوبية في المملكة تمثل جميع الأعمار الجيولوجية العالمية، والتتابع الزمني الطبقي لحقب الحياة القديمة والمتوسطة والحديثة، وتحوي الصخور الرسوبية الأحافير من أحافير ديناصورات وأحياء في منطقة مدين شمال غرب المملكة، والتي يصل عمرها إلى ستين مليون عام، كذلك الصخور الرسوبية والصخور البركانية في مناطق تسمى حرات، مثل حرة خيبر في الجبال البيضاء، والبيضة والقدر، وحرة المدينةالمنورة، وفيها البركان التاريخي الذي ضربها عام 654ه، وتوجد في منطقة العلا شمال المدينةالمنورة هيئات بنائية غريبة الشكل، وأيضاً في منطقة المحجة جنوب حائل، وجبال النفوذ، وفي الأحساء جبل القارة، وجبال المسمى جنوب النفوذ، ويوجد في الصمان جنوب النعيرية آثار لفيل «ماستيدون» المنقرض. ويحصر الدكتور اللعبون الأخطار التي تهدد هذه الآثار بالتوسع الزراعي والعمراني والاقتصادي، وغيره. وأيضاً تعرضها للدفن بفعل الرمال والرياح، وكذلك خطر التشققات والانهيارات والتصدعات، مشدداً على أن مسؤولية حماية هذه الآثار مشتركة بين جهات عدة، تبدأ بالمواطن في المنطقة، الذي يجب عليه الحفاظ على تراث منطقته، والشؤون البلدية والقروية، وهيئة المساحة الجيولوجية، وهيئة السياحة، وتحديد إحداثياتها لتستفيد منها الجهات ذات العلاقة لحمايتها، وعدم إصدار تراخيص لأي أعمال عمرانية، أو مشروعات تنقيبية، أو صناعية، قبل التأكد من أن المنطقة ليس لها قيمة علمية وتاريخية وأثرية جيولوجية. وقال رئيس وحدة الأحافير في هيئة المساحة الجيولوجية، يحيى آل مفرح، إنهم في صدد تشكيل لجنة بالتعاون مع هيئة السياحة والآثار، كأحد أشكال التعاون بعد الاتفاقية التي وقعت بين الجهتين قبل عام ونصف، وتشمل العديد من أشكال التعاون الأخرى، لافتاً إلى أنهم يقومون بجولات ميدانية استكشافية لحصر المواقع الأثرية الجيولوجية، وتقدير قيمتها العلمية، وإعداد التقارير بالنتائج، وتوصيات للحفاظ عليها وحمايتها، مبيناً أن أي شركات تطلب الحصول على تراخيص للتنقيب في منطقة معينة يطلب منها الحصول على ترخيص من هيئة السياحة والآثار، للتأكد من أنه ليست للمكان قيمة أثرية وعلمية. زهور الصحراء التي اختفت من أغلب المساحات التي كانت تحويها في الشرقية بقايا عظام ال»ماستيدون» شبيه الفيل في كهف جنوب النعيرية (الشرق)