خالد بن صالح السلطان - مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في هذه اللحظات الغالية، يحتفل الوطن بالذكرى السابعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- ويعيش الوطن صورة مشرقة من صور التلاحم بين القيادة الرشيدة والشعب الوفي، ويحتفي بإنجازات تتحدث عن نفسها، وعطاءات تسابق الزمن، وتجربة تنموية تعتني ب»الإنسان» وتجعله ركيزتها الأساسية، ونهضة حضارية تعم أرجاء البلاد وتنتشر في ربوع الوطن. لقد استمد هذا القائد العظيم قوته من عون الله، متمسكاً بكتاب الله وسنة نبيه الكريم، ومتلمساً احتياجات المواطنين، ومتفقداً أحوالهم، ومستمعاً إلى همومهم، ومجيباً على استفساراتهم، ومحققاً لآمالهم وطموحاتهم. لقد قدم خادم الحرمين الشريفين نموذجاً مشرفاً للقائد المسلم، الذي يحقق العدل وينشر الأمن، ويدعو إلى التسامح والحوار، ويبدأ عهده بخطاب تاريخي، يؤكد فيه أن شغله الشاغل، هو إحقاق الحق، وإرساء العدل، وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة، ويطلب من المواطنين أن يشدوا من أزره، وأن يعينوه على حمل الأمانة، وألا يبخلوا عليه بالنصح والدعاء. وبالطبع، فإن هذا المقال لا يكفي للحديث عن إنجازات تعدت حدود الوطن، وامتدت إلى الأمة الإسلامية، والمجتمع الإنساني كله، ولكننا نكتفي بالإشارة إلى بعض ما تحقق في هذا العهد الزاهر من إنجازات، وضعت بلادنا في مصاف العالم المتقدم. فعلى صعيد خدمة الإسلام والمسلمين، حرص -يحفظه الله- على خدمة الحرمين الشريفين، وراحة ضيوف الرحمن، ومتابعة شؤونهم، والبحث عن كل ما يسهل عليهم أداء شعائرهم، كما حرص -يحفظه الله- على مناصرة القضايا الإسلامية، ودعم التضامن بين المسلمين. وعلى الصعيد السياسي، تعززت مكانة المملكة عربياً وإسلامياً، وفي المحافل الدولية، بالإضافة إلى جهودها في دعم السلام العالمي، ونصرة القضايا الإنسانية العادلة، وتعزيز دور المنظمات العالمية، وتحقيق التعاون الدولي في سبيل النهوض بالمجتمعات النامية. وعلى الصعيد الاقتصادي، أثمرت سياسة خادم الحرمين الشريفين الاقتصادية وتوجيهاته عن خطوات واسعة ومتسارعة، في مجال الإصلاح الاقتصادي، دخلت المملكة ضمن دول العشرين، وفي قائمة أفضل عشر دول أجرت إصلاحات اقتصادية، كما تم تصنيفها كأفضل بيئة استثمارية في العالم العربي، ونجحت رؤيته السديدة في تثبيت دعائم اقتصاد شامخ، من خلال تنويع القاعدة الاقتصادية، وبناء المدن الاقتصادية، وواكب ذلك تعزيز التنمية البشرية، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتوفير فرص العمل لهم، والاستثمار في رأس المال البشري. وقد حقق التعليم العالي في عهد خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- تطوراً شاملاً، وإنجازات كبيرة على أصعدة التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع. وانطلقت هذه الإنجازات من دعم كبير يحظى به هذا القطاع الحيوي، وقد نجحت مؤسسات التعليم العالي في استثمار هذا الدعم في تحديث العملية التعليمية، والوصول إلى معايير الجودة العالمية، وزيادة الارتباط مع احتياجات التنمية، وإقامة شراكة فاعلة مع قطاعات المجتمع المحلي، والمراكز العلمية العالمية، وزيادة الربط بين عملية التعلم واحتياجات سوق العمل، ومواجهة التحديات المعرفية التي يطرحها التقدم التقني المعاصر، مع التوسع في التخصصات العلمية التي تحتاجها مسيرة التطور الحضاري.كما أطلقت وزارة التعليم العالي، مشروعات ومبادرات مهمة، مثل برامج مراكز التميز البحثي، وبرامج تنمية الإبداع والتميز لدى أعضاء هيئة التدريس، وتطوير برامج وخدمات الإرشاد الطلابي، وتطوير الأقسام الأكاديمية، وتطوير الجمعيات العلمية، وبرامج الاعتماد الأكاديمي المؤسسي والبرامجي. وشهدت بلادنا توسعاً كبيراً في إنشاء الجامعات الجديدة، التي تؤكد حرص هذا العهد الزاهر، على إتاحة التعليم العالي في جميع ربوع الوطن، كما تم تدشين المدن الجامعية الجديدة، في مختلف مناطق المملكة، وإطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي يوفر كفاءات وطنية، تخرجت في أرقى الجامعات، وفي تخصصات تتوافق مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات برامج التنمية. كما تم إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، لتكون منارة للمعرفة، وبيئة راقية للعلم، وجسراً للتواصل بين الشعوب، وصرحاً علمياً شامخاً للعلوم والتقنية يستقطب الطلبة والدارسين والباحثين من مختلف دول العالم، ويسهم في توطين التقنيات المتقدمة.وكانت إنجازات جامعة الملك فهد، وما حققته من سمعة علمية متميزة ومكانة رفيعة، نموذجاً عملياً لما تحقق في هذا العهد الزاهر من إنجازات، واستطاعت هذه الجامعة، أن تتحول من كلية للبترول والمعادن إلى جامعة كبيرة، تضم العديد من التخصصات العلمية والهندسية والإدارية، المعتمدة من أفضل هيئات الاعتماد الدولية، وتمنح مختلف الدرجات العلمية، وتستوعب كل ما يناسبها من ملامح التطور الذي يشهده التعليم العالي في العالم، وترتبط بعلاقات وثيقة بجامعات عالمية مرموقة، وتستقطب أفضل الكفاءات عالمياً من أعضاء هيئة التدريس، وتدعم ثقافة البحث العلمي وتتعامل معه كوظيفة أساسية من وظائفها، وتبدأ مشروعات طموحة للبحث والتطوير والابتكار، تضاعف من نتاجها البحثي، وحصل كثير من أساتذتها على براءات اختراع عالمية، كما بلورت الجامعة رؤية متكاملة لزيادة التفاعل مع قطاعات المجتمع، وفوق كل هذا استمرت الجامعة في إطلاق مبادرات نوعية ونفذتها بصورة فاعلة لأدائها وجودة العمل فيها مما جعلها تحتذى من جهات أخرى كثيرة.