اجتمعت به في الرّقة. كان منفوخاً كالطاووس وأنا أتعجب. وإذا تحدّث تقعَّر. غير مستريح في جلسته. رقبته في زوايا غير طبيعية حادة وأحياناً قائمة أو معقوفة. وأنا أتأمله مثل حيوانات السيرك. قال ونفخ: أنا عضو في مجلس الشعب عفوا هو أكَّد على كلام سيدة كانت بجانبه تتأمله بفخر واعتزاز فهي جالسة بجنب ملك الطيور. كان هذا حين ظننت أنني عدت إلى بلدي بعد تسوية وضعي. هكذا كان السحر السائد يومها. ليمسكوا بي بعد الزيارة الأولى وتسوية الوضع في الغابة البعثية الأسدية. قلت يومها البلد ثلاث كلمات: أسد وغابة وعصابة. كنت في أغادير في المغرب التفتت إلي بحماس سيدة من حزب العدالة والتنمية وأنا أرى فيها العقل والثقافة: قالت الرئيس عندكم طبيب فهيم مثقف! تابع زوجها بلهجة ماكرة نعم ويحسن الكلام. في القامشلي التقيت بالأستاذ كاظم عبدالحليم وكان أستاذ ديانة حين كنا طلبة في المرحلة الثانوية البئيسة في ثانوية العروبة. حين رأيت المدرسة التي تدرس فيها حفيدتي أزميرالدا في مونتريال في كندا شهقت وأنا أتأمل جمال الغابة المحيطة بالمدرسة قالت ابنتي أروى: بابا ليست الطبيعة بل كيف يدرسون وتنمو وتصقل عندهم المواهب فيعشقون المدرسة. أنا أتذكر جيداً ضرب العصي والفلق. فروع المخابرات في كل مكان والمدارس قلاع أمنية. قلت لأستاذي السابق سمعت أنك دخلت مجلس القرود عفواً مجلس الشعب ضحك وتحمّل وقاحتي وقال: التيار هكذا ونحن مع التيار نسبح كما يسبحون نأكل من مائدة السلطان وبسيفه نضرب. مع كتابة كلماتي هذه يعيد النظام البعثي إنتاج أدواته المسخ كما تنتج الشياطين ذراريها. الله يقول في سورة الكهف «أتتخذونه وذريته أولياء من دوني بئس للظالمين بدلا». مجلس القرود عفوا مجلس الشعب يذكر بمجلس مبارك المزور والمجالس الشعبية الثورية في ليبيا القذافي المدفون بنحس وعذاب. إنها فبركة فروع الأمن التسعة عشر. في تنين من تسع عشرة رأساً يقذف باللهب لا ظليل ولا يغني من اللهب كأنها جمالة صفر. يا ترى إلى متى سوف يستمر مسلسل الكذب والدجل والناس تعرف علم اليقين أنه كذب ومهزلة ولكنها تبلع الكذب وتتسمم على مدار الساعة. غريب أمر فرعون. لكن الرب يقول إن الباطل لن ينقشع ويزول حتى يأتي الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد. يبدو أن أشعة الحق لم تصل بعد إلى ليل سوريا البهيم. ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا؛ فدورة الفلك قائمة ولن يخرج عنها نظام البعث وكل أنظمة الطاغوت فالكون لم يُبن باطلاً ولم يُبن عبثاً.