أقامت اللجنة الثقافية في نادي مكة الثقافي الأدبي، مساء أمس الأول، محاضرة بعنوان “وادي الزاهر في مدونات بعض المؤرخين”، ألقاها الباحث بدر اللحياني. ونوّه المحاضر بداية بإقامة النادي لهذه المحاضرة، وفاء للمكان الذي يقع فيه النادي، حيث أن مكانه الحالي في قلب وادي الزاهر. وأوضح اللحياني أن وادي الزاهر (شمال الحرم المكي الشريف بنحو ستة كيلومترات) من أشهر أودية مكةالمكرمة التاريخية وأعرقها، حيث اعتبره الأزرقي وادي مكة الأعظم، وعرف في العصر الجاهلي بوادي فخ، ومرّ به النبي صلى الله عليه وسلم عدة مرات أثناء دخوله إلى مكة، حتى قبل مبعثه في قصة التقائه بعمرو بن نفيل، وظل يعرف بوادي فخ من العصر الجاهلي حتى القرن السادس، وأول من سماه وادي الزاهر هو علي الوهاس، وعلل رشدي صالح هذه التسمية بكثرة الأشجار والأزهار في هذا الوادي، حيث كان من منتزهات مكة الرئيسة، وهو ما أشار إليه مؤرخ مكة أحمد السباعي، الذي قال إن المكيين كانوا يخترعون المناسبات للخروج إلى مثل هذه الأودية. وتحدّث المحاضر بعد ذلك عن أهم معالم الوادي الأثرية والثقافية، وفي مقدمتها آبار الزاهر التي كان عددها سبعة، و”قلعة الزاهر” كانت مكان مركز تلفزيون مكة الحالي، وقد بناها العثمانيون لأمن الحجيج، وأزيلت عام 1375ه، و”قصر الملك فاروق”، الذي أصبح مبنى “متحف مكة”، إضافة إلى بستان الزاهر، والدور القديمة خلف سوق مكة. وأشار اللحياني إلى أن الوادي أضحى في العهد السعودي وادي المعاهد العلمية، فكان المكان الذي ضم عدداً من دور العلم الرائدة التي أدت دوراً تربوياً، ومن أقدمها المعهد العلمي السعودي، ومعهد المعلمين الابتدائي، ومعهد إعداد المعلمين، ومعهد النور للمكفوفين. وقال إن أحمد السباعي أنشأ على طرف الوادي مبنى مسرحه الرائد. وأبان المحاضر أن كثيراً من الرحالة والمؤرخين والأدباء وصفوا هذا الوادي، ومنهم الرحالة ابن جبير والمسعودي، ومن المؤرخين الواقدي والطبري، ومن أصحاب المعاجم البكري والحموي، وأن شكيب أرسلان أسهب في وصف الوادي. وأشار اللحياني إلى وقائع وحوادث تاريخية ارتبطت بمنطقة الوادي، حيث جبال الطير، وحائط فخ الذي ارتبط بمعركة “فخ” بين جيش العلويين وجيش موسى الهادي، وما ارتبط بها من قبور حي الشهداء، وما عانى منه أهل الوادي أثناء الحرب العالمية الثانية. وأوضح المحاضر أن الوادي كان رائداً في أول تخطيط هندسي رسمي لمناطق مكةالمكرمة في العهد السعودي في عام 1367ه. وشهدت المحاضرة، التي أدارها محمد الحارثي، عدداً من الداخلات التي أثرت المحاضرة بالمعلومات والطروحات. وأضاف الدكتور عبداللطيف بن دهيش بعض المعلومات عن الوادي، ومنها مجموعة القصور التي بنيت فيه، وأنه كان مكان انطلاق الركب المكي للمدينة المنورة، واستقبال المحامل القادمة لمكةالمكرمة. أما الدكتور فواز الدهاس فدعا، في تعقيبه، أمانة العاصمة المقدسة إلى الحفاظ على الأسماء التاريخية القديمة لحارات وشوارع مكةالمكرمة، والحذر من تحريفها وتصحيفها. وأعرب فهد الخزاعي عن خشيته من زحف النهضة العمرانية، التي تشهدها مكةالمكرمة، على آثاره التاريخية، ومعالمه الجغرافية. مكةالمكرمة | نعيم تميم الحكيم