توجَّه الجزائريون صباح أمس نحو مكاتب الاقتراع لاختيار ممثليهم في البرلمان المقبل وسط هواجس من عزوف الناخبين عن الاقتراع، بعد حملة انتخابية دامت 21 يوما قيل إنها اتسمت بالبرودة. وأدلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بصوته في مدرسة بأعالي العاصمة وكان يرافقه أفراد من عائلته، كما قام كبار المسؤولين في الدولة بواجبهم الانتخابي. بدوره، خرج وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية ليكشف في تصريح مقتضب للصحافة أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت نحو 4.11 % في حدود الساعة العاشرة من صباح أمس، وقفزت في الظهيرة إلى 20 %. وسجلت ولاية الجزائر أضعف النسب ونفس الشيء بالنسبة في ولايتي تيزي وزو ب 2 % وبجاية ب 2.45 %، وهي من أكبر معاقل الأحزاب البربرية التي قاطع أحدها الانتخابات وهو حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في حين فضل غريمه جبهة القوى الاشتراكية أبرز أحزاب المعارضة خوض الانتخابات، فيما سجلت ولاية تندوف المتاخمة للحدود المغربية والموريتانية أعلى نسبة مشاركة بحوالي 13 %. وسجل وزير الداخلية حدوث بعض المناوشات على مستوى بعض مكاتب الاقتراع بسبب عملية تشويش -كما قال- من أنصار مقاطعة الانتخابات في ولاية البويرة القريبة من العاصمة، ولكن سرعان ما عادت الأمور إلى مجراها الطبيعي، مع تسجيل تعطيل التحاق ممثلي الأحزاب بمكاتب الاقتراع لمراقبة الانتخابات. وانتقلت “الشرق” إلى عددٍ من مقار الأحزاب السياسية التي شكلت غرف عمليات كما هو الشأن بالنسبة لحركة مجتمع السلم التي خصصت طابقا لنصب خلية متابعة للانتخابات من خلال أجهزة الفاكس والكمبيوتر حيث تصل إلى مقرها المركزي تقارير من الولايات حول عملية سير الانتخابات. ويراهن قادة مجتمع السلم الذين تحالفوا في إطار الجزائر الخضراء مع حركتي النهضة والإصلاح الوطني على احتلال المرتبة الأولى وتشكيل حكومة وطنية. فيما بدا الوضع أكثر تشنجا في مقر جبهة القوى الاشتراكية على خلفية “تجاوزات” سجلها الحزب في عددٍ من مكاتب الاقتراع، وقال السكرتير الأول للحزب، علي العسكري، في لقاء خاص ل “الشرق” بمكتبه، أنه لاحظ جملة من التجاوزات على مستوى ولاية بومرداس الواقعة على بعد خمسين كلم شرق الجزائر العاصمة، حيث أكد عددٌ من الناخبين غياب أسمائهم من القوائم الانتخابية. وأضاف العسكري “إن هذه التجاوزات مؤشر على نية الإدارة على المضي في تزوير الانتخابات”، موضحا أنه نقل هذا الانزعاج إلى الوالي ورئيس الدائرة اللذين انتقلا إلى عين المكان لتدارك الوضع. واعتبر العسكري “مشاركة حزبنا في هذه الانتخابات ليس صكا على بياض وإنما في سبيل المساهمة في تغيير النظام بطريقة سلمية وديمقراطية”، ودعا العسكري بمناسبة خمسينية الاستقلال إلى رحيل النظام وبناء نظام جديد قائم على الديمقراطية والتعددية قائلا “حان الوقت أن تدخل الجزائر عهد الديمقراطية والحريات والتنمية الدائمة”. وفي أعالي العاصمة، حيث يوجد مقر حزب جبهة التحرير الوطني يحبس المسؤولين عنه أنفاسهم ترقبا لأي جديد يصلهم من خلال خلية المتابعة التي نُصِبَت على مستوى المقر المركزي للحزب لمتابعة مختلف مراحل العملية الانتخابية. ورفض المشرف على قاعة العمليات لحزب الأغلبية البرلمانية الإدلاء بأي تصريح في انتظار استجماع المعلومات والتقارير التي ترده من مكاتب الحزب على المستوى المحلي. ويتوقع عدد من المراقبين أن يتشكل البرلمان المقبل من خليط سياسي حيث تشارك نحو 44 قائمة انتخابية وتحالف واحد، وعشرات القوائم الحرة، بما يشبه مجلس تأسيسي حسب وصف البعض. كما يُنتَظر، بحسب توقعات الأوساط السياسية، عودة حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض الذي قاطع الانتخابات البرلمانية لدورتين متتاليتين، مع عودة الشيخ عبد الله جاب الله إلى الحياة السياسية بعد الحظر الذي طاله منذ سنوات.