يدخل المحل بلا سلام ولا كلام، يأخذ ما يريد ووجهه عبوس، يرمي ثمن البضاعة التي أخذها، وحينما يجلس في مجالس الأصدقاء يتحدث عن (الأدب في التعامل) لا أعلم: أضحك عليه أم أشفق عليه؟! ويستمع إليه أصحابه، ويتخذونه قدوة في طريقة حديثه، ولكنني على يقين، أنّهم لو رأوا طريقته في التعامل، نفروا منه، وهجروا مجلسه، ولكن (الشكوى لله). حينما تتفلسف هذه الفئة، بهذه الطريقة، ولا تفعل ما تقول، هنا تجد أنّ علامات التعجب كلها ترسم نفسها حول وجهك، كيف للإنسان أن يعيش وهو مناقض لنفسه؟! كيف له أن يلقي المحاضرات حول الأدب، وهو لا يتأدّب مع نفسه، ولا يعلم معنى الأدب، بل تجده أحياناً لا يتأدّب مع ربّه (والعياذ بالله)، تجده أثناء سماعه الإذاعة، والمواعظ، وتلاوة القرآن، يشتم فلاناً لأنه تجاوز سيارته، ويلعن ذاك لأنه سبقه، هكذا إلى أن يصل دوامه، فأي أدبٍ اتبعه مع الله؟ هل نسي الآية التي تقول (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)؟ أي أن تُحضر قلبك وتتدبر ما تسمع له، بذلك تنال خيراً كثيراً، وعلماً غزيراً، وإيماناً متجدداً. فعن أي أدب يتحدّث، وهو من يجب أن يتأدّب! إنّ الإنسان في حياته اليومية، يجد الكثير من التصرّفات التي قد تضايقه، ولا يجد جواباً مقنعاً لهذه التصرفات، أقرب مثال، تجد البعض يسرع كي يصل للمسجد، وحينما يصل لا يكلف نفسه ليدخل ويصلي تحية المسجد، بل يجلس في سيارته ويستمع للأغاني، إلى أن يسمع إقامة الصلاة، ينزل من سيارته ويؤدّي الفريضة، وما أن تنتهي الصلاة، يعود مسرعاً للأغاني مرةً أخرى، فهل هذا أدب؟ سماع الغناء الماجن عند بيت الله؟ هذا قلّة أدب وليس أدباً يا صاحبي! هناك الكثير من المواقف التي تثبت قلّة أدب الإنسان، ولكن بالمقابل يجب علينا أن نقوم بتأديبه وتربيته على أيدينا، فكما قيل، من لم تكن تربيته في المنزل، ستكون حتماً في الشارع، ولا يجب علينا السكوت (والتفرّج) إلى أن يهلك قليل الأدب بيننا، نقدّم له النصيحة بطريقة غير مباشرة، نقدّم له وسائل عديدة ليقلّد ويعرف الأخلاق الحميدة وأصحاب الأخلاق الحميدة، فمن يدري لعلّ الله تعالى يكتب له حسن الخلق وحسن الأدب على أيدينا. قال النبي عليه السلام (أدّبني ربّي فأحسن تأديبي) أفلا نتخذه قدوةً، نقتدي به، وبخلقه وأدبه؟