عندما يشتد الألم على أي شخص، فإنه يسارع إلى تعاطي مسكنات الألم بأنواعها، ونخص بالذكر المسكنات التي يطلق عليها اسم «المضادات للالتهاب غير الستيروئيدية»، ومن أشهرها «دكلوفناك» و»إيبوبروفين»، وأمثالها. وتوجد هذه المسكنات بوفرة في الصيدليات، حيث يباع أكثرها بدون وصفة طبية! وعلى الرغم من لجوء غالبية المرضى إلى تناولها، فإن هذا التصرف يضر بهم كثيراً على المدى البعيد، ويؤثِّر على صحتهم سلبياً. مع كل دقة من دقات القلب، يضخ الدم إلى الكليتين وتقوم بتنقية نحو مائتي لتر من الدم في اليوم، ولذلك فإن الكلى تكون عرضة بشكل أكبر من غيرها من الأعضاء للتأثيرات الضارة للأدوية. الكلية هي العضو المسؤول عن تنقية وتصفية الدم من السموم الناتجة عن عملية الأيض، وكذلك مسؤولة عن التحكم في حجم السوائل في الجسم، وعن ترتيب كمية العناصر الكهربية مثل الأيونات والأملاح، وعن تنظيم ضغط الدم، وتكوين بعض الهرمونات التي تشترك في بناء الدم. وقد تسبب عديدا من الأدوية في اعتلال في الكلى من خلال عديد من الآليات، وتزيد من تعرض الأشخاص لأضرارها مع تقدم السن، أو وجود تاريخ مرضي للفشل الكلوي المزمن. الدراسات الطبية أظهرت ارتباط المسكنات التي تستخدم بدون وصفة طبية، التي تعتبر عموماً من العلاجات الآمنة، بتأثيرات ضارة على الكلى، حيث يكمن تأثيرها بحدوث قصور الكلى الحاد وارتفاع ضغط الدم واختلال بالأيونات وسوائل الجسم (الاستسقاء)، إضافة لما تسببه من تأثيرات جانبية على الغشاء المبطن للمعدة؛ ما يمكن أن يسبب قرحة وحدوث نزيف. ولهذا يوصَّى دوماً بتناولها بعد الأكل، وتناول الحد الأدنى الفعال من جرعات هذه الأدوية، وفي أقل عدد ممكن من المرات. من أعراض تأثر الكلى، انخفاض مستوى إدرار البول، وزيادة الوزن الناتج عن الاستسقاء، وقد تحدث الأعراض خلال أيام من البدء بتناول المسكنات، لذا فإن تناولها بدون استشارة طبية يشكل خطراً، ومن الأفضل تناول المسكنات التي تتميز بقلة مضاعفاتها على المعدة والكلى، مثل علاج «باراسيتامول». وللاطمئنان ، ينبغي فحص ضغط الدم ووظائف الكلى، مرة واحدة على الأقل في السنة. إن المسكنات متوفرة بشكل واسع، ومن المهم أن تكون على قدر كاف من الوعي والعلم في مجال استخدامها السليم وآثارها الجانبية المحتملة، فالكلية لا يدرك أكثر الناس أهميتها، إلا إذا فشلت – لا سمح الله – في القيام بوظائفها المختلفة.