راضي الجريّان يحكى أنّ خلود ابنة الثامنة والعشرين، قد حصلت على درجة الماجستير بتقدير جيد جداً، ولم تقبلها الجامعات السعودية محاضرة، وألحّت على أهلها أن يجدوا لها وظيفة بدلاً من جلوسها في البيت عاطلة، فقال لها أخوها: لقد قرأت إعلاناً عن وظيفة في سيرك سعودي 100% لا أعرف ما طبيعتها ومرتبها؟! فإن كنت ستقبلين بها فهيا بنا إلى مقر التقديم، لنتعرف على نوع الوظيفة والمرتب، فوافقت، وفعلاً قابلا المسؤول عن (السيرك) وقال لهما: نعم نحتاج إلى موظفة تلبس فرو زوجة الأسد (اللبؤة) بحافز ألفي ريال، لأن زوجة الأسد ماتت، وأصبح الأسد حزيناً لا يزأر، ومنعزلاً، ولا يجلب للسيرك الزوار، وسوف نضعك في قفص مجاور له قبل العرض، فقط كي ينظر إليك الأسد وتعود له الحياة من جديد. وافقت خلود التي انضمت لقائمة بطالة خريجي الدراسات العليا على الوظيفة. وفي أحد الأيام حصلت كارثة لأن (جلواز الأسد) أي حارسه، نسي باب القفص مفتوحاً، وخرج الأسد ودخل على الزوجة المستعارة، خلود حاملة الماجستير، في قفصها، فصرخت بأعلى صوتها تستنجد بالحاضرين، لكن دون جدوى، فتسلقت القفص إلى أعلاه، وأصبحت معلقة، تكاد تموت من الهلع والخوف، تستنجد بالناس، لكن مع الأسف دون جدوى، والأسد ينظر إليها ثم كرر النظر، ولكن بشفقة، ثم قال: يا أختاه، انزلي، لا تخافي، أنا خالد أحمل درجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف بتقدير ممتاز، وبحافز ألفي ريال. انتهت الطرفة وابتدأت معها معاناة خريجي الدراسات العليا، وعلى شفاههم ألف سؤال وسؤال لوزير التعليم العالي ومديري الجامعات السعودية، والمسؤولين عن آليات التوظيف في مملكة الإنسانية، فلقد أمضوا سنوات عدة في دراستهم لمرحلتي الماجستير والدكتوراة خارج الوطن وداخله، وفي جامعات مرموقة، وموصى بها من قِبل وزارة التعليم العالي السعودية، فبعضهم مبتعث، والبعض تكبد مصروفات الدراسة، ولكن جامعاتنا السعودية العريقة والحديثة، تتزاحم على جاراتنا الشقيقات، وتتخطّف خريجيها، حديثي التخرج! وتستقطبهم لديها بشتى التخصصات، وعلى مرأى من وزارتي التعليم العالي والخدمة المدنية، وبمباركة منهما، وأبناء البلد عاطلون! والمضحك المبكي في القضية، أنّ هؤلاء المتعاقدين يتصلون بالخريجين السعوديين، فرحين مستبشرين بعد توقيع العقد مع جامعاتنا، ويلقون عليهم أسئلتهم المعتادة، التي نأمل من وزارة السياحة أن تصرف للسعوديين بدل (إرشاد سياحي) كونهم أتقنوا الدور وأجابوا على الأسئلة كلها وبتفصيل ممل، ولعل أسئلتهم السياحية المعتادة لا تخلو من التالي: «بدي توصف لي طريئ قامعة طيبة؟ وكيف الناس في شئراء؟ وكيف قو المقمعة؟ ودخلك نشران (نجران) أريبة من الحوسيين؟ وهلأ الباحة فيها مطار؟ وعرعر هي ذاتها الحدود الشمالية؟ والمسافة بين سكاكا والقوف كااام؟ وبالرياض وجدة بيعطوا رواتب كويسه؟! نعم أجابوا على كل هذه الأسئلة السياحية خوفاً منهم، لأنهم وحدهم هم أعضاء لجنة مقابلة التوظيف للسعوديين في الجامعات السعودية! وها هي حال خريجي الدراسات العليا والتجمع الخاص بهم على صفحة الفيسبوك. وشكراً جامعاتنا السعودية!