فشلت مساعي الخيِّرين في ترتيب البيت الفتحاوي في لبنان، بل ذهبت الجهود المبذولة أدراج الرياح، بعد رفض «الإخوة» طرح مسؤول الساحة اللبنانية في حركة فتح، عزّام الأحمد، لإيجاد مرجعية واحدة، فالخلافات الداخلية كانت أكبر مما توقع ما أسفر عن تأجيل تشكيل اللجنة الأمنية التي طُرِحَ إيجادها داخل مخيم عين الحلوة. لكن بالرغم من ذلك، بدأت عملية الدمج العسكري للأذرع العسكرية التابعة لفتح كخطوة أولى، باعتبار أن قائد الكفاح المسلّح، العميد محمود عبد البديع عيسى الملقّب ب «اللينو»، كان معارضاً للفكرة لولا تلقيه قرارا من الرئيس الفلسطيني أبو مازن حمله إليه الأحمد، فجمع القادة العسكريين لفتح في سفارة فلسطين، هناك أعلن أمامهم أن ما سيجري تشكيله سيؤدي إلى إلغاء الفروع العسكرية الأخرى لفتح كالمقر العام والكفاح المسلح وقوات الميليشيا. أما الضباط المسؤولون عنها، أي منير المقدح ومحمود عيسى الملقّب ب «اللينو» وحسين فياض، فسينضوون تحت إمرة القيادي صبحي أبو عرب، علماً أنه قبل هذا الإعلان، كانت مهمة أبو عرب وأمين سر منظمة التحرير فتحي أبو العردات تنحصر بإحصاء العسكريين الذين تجاوزوا سن الخدمة العسكرية، لإحالتهم على العمل التنظيمي داخل الحركة. التململ كان سيد الموقف في البداية، لكن الشدّة انقلبت ليناً، وهكذا أثمرت مهمة الأحمد القادم من رام الله، إعلان إعادة هيكلة الجسد العسكري لفتح، مع محاولة إقناع «الرؤوس» بإلغاء مناصبهم تحت قيادة أبو عرب، على أن تعاونه لجنة مصغرة تضم كلاً من منير المقدح و»اللينو» وخالد الشايب ومعين كعوش وحسين فياض وبلال أصلان، وبحسب مصادر مطّلعة على الشأن الفلسطيني، فإن الدمج إن تم على ما يُرام فإنه سينهي الخلافات الداخلية ويوحّد البندقية الفتحاوية. حتى الآن، لم يتصاعد الدخان الأبيض، لكن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأحمد لم يعلن يأسه بعد، المطبات التي اعترضته، لم تُثنه عن إكمال المخطط الذي جاء بصدده، وبحسب مصادر متابعة للشأن الفلسطيني، فإن لمجيء الأحمد إلى لبنان دلالة تعني كف يد تحالف سلطان أبو العينين وتوفيق الطيراوي ومحمد دحلان عن ملف لبنان، وتسليم مهمة ترتيب البيت الفتحاوي إلى الأحمد، ورغم أن القرارات المتعلقة بالتشكيلة القيادية ل «فتح» في لبنان تم تجميدها، إلا أن الزيارة بحد ذاتها دليل واضح على أن السلطة الفلسطينية تصر على ترتيب البيت الفتحاوي بما يرضي كافة الأطر والكوادر والهيئات التنظيمية والقيادية داخل الحركة، بقصد إنتاج تشكيلة متناسقة تتلاءم مع توجهات الدولة اللبنانية. المصادر نفسها تتحدث عن مسألة أُخرى يراد تجاوزها، فقد ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات تُطالب بدخول الجيش اللبناني إلى مخيم عين الحلوة بالقوّة، لا سيما بعد اكتشاف الشبكة التكفيرية التي يقودها رجل القاعدة توفيق طه، من هنا، تُشير المصادر إلى أن هناك رغبة جامحة في تسوية الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات وبينها والجيش اللبناني منعاً لأي تطورات تنعكس على العلاقة بين الجانبين. تجدر الإشارة إلى أنه على هامش مهمته، زار الأحمد أول من أمس رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان في قصر بعبدا في بيروت، وسلّمه رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تتناول العلاقات اللبنانية – الفلسطينية من جهة، وما آلت إليه الأمور على الصعيد الفلسطيني – الإسرائيلي من جهة ثانية، كما التقى قيادات من الأجهزة الأمنية، مشدداً على الوحدة والتعاون مع الجيش اللبناني فيما يخص إيجاد حل لقضية المطلوب «أبو محمد طه» حرصاً على المخيم وأهله.