المشكلة أننا نجعلها فن المستحيل. إنسان إمكاناته المادية محدودة يبني بيتاً كبيراً. طالب قدراته الدراسية محدودة يدرس تخصصاً صعباً. موظف قدراته الوظيفية متواضعة يريد أن يصبح وزيراً! لا البيت الكبير ولا التخصص الصعب ولا أن تكون وزيراً، يضمن لك السعادة. البيت الكبير يجلب الغبار والوحشة، والتخصص الصعب يجلب الإحباط أحياناً، وأن تكون وزيراً جلبة لأن تغزوك أمراض القلب وضغط الدم. ليست الأماني الكبيرة وحدها هي التي تحقق سعادتنا، الطموحات التي تفوق الإمكانات سبب رئيس من أسباب خيبات الأمل في العالم العربي على مستوى الدول والأفراد، وهي مجلب كبير للإحباط والبؤس والحزن. فريق كرة قدم لا يملك لاعباً يرفع رأسه حينما يمشي بالكرة، يريد أن يحقق بطولة الدوري، دول لا تصنع ما يستر عورتها تريد أن تتغلب على دول ذات أساطيل وعتاد ومؤسسات قامت على مر السنين على بنية راسخة متينة فاعلة. لا يكفي أن تتمنى فقط أو ترغب، ينبغي أن تربط أمانيك في حدود الممكن الذي يحدده العقل الذي وهبنا الله إياه. لأن المحاولة اليائسة تدمر أكثر مما تبني. يجب أن تعي جيداً حدود إمكاناتك المادية والجسدية لتضع لك في الحياة هدفاً ممكن التحقيق يضمن لك شيئا من الرضا النفسي، لأن هذا ما نحتاجه في الحياة هو الرضا النفسي وليس السعادة، لأن السعادة الدائمة لا توجد، بل هناك فرح مؤقت، وحزن مؤقت وهكذا، على حد تعبير جبران خليل جبران في بيت الشعر الشهير: وما السعادة في الدنيا سوى شبح يرجى إن صار جسماً مله البشر وقول القرآن الكريم: “لقد خلقنا الإنسان في كبد”.