تغيب عن القمة العربية في بغداد، وجوهٌ طالما كانت حاضرةً على طاولة العرب المستديرة، والتي يلتئم حولها سنوياً رؤساء الدول العربية أو مُمثلوهم، وغالبا ما شهدت خلافات محورية. الحديث ليس هنا، لكن حول غياب عددٍ من الوجوه التي طالما لازمت العرب عقوداً من الزمن. وأسدل «الربيع العربي» الستار عن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، والرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، والعقيد معمر القذافي، والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، مع بقاء قضايا العرب العالقة بينهم، على الرغم أن لكل من ال»وجوه الغائبة» مواقفه الخاصة فيما يتعلق بتلك القضايا. لتكون قمة بغداد اليوم، هي القمة العربية الأولى بعد سقوط تلك الأنظمة الجمهورية التي أعقبت ثوراتٍ انطلقت شرارتها الأولى من تونس، وفرضت نفسها وتلاحقت ك»شرٍ» يراه البعض إلزامياً لا بُد منه. التجمّع العربي الذي تحتضنه بلاد الرافدين والذي يراه العراقيون نعمةً على الحكومة العراقية ونقمةً على البغداديين لما تشهده العاصمة من تمركزٍ أمني يستبق القمة، حتماً سيشهد غياب شطحاتٍ» طالما انتظرها العرب من قبل بعض الرؤساء، كالقذافي الذي واجه مصيره الأخيرعلى يد أبناء بلده بعد 42 عاماً من استيلائه على عرش الجماهيرية. القضية ليست خاصةً بالقذافي، إنما طالما كان العقيد، برأيه غيرالمفهوم كثيراً، والخارج عن النص أيضاً، لافتاً للأنظار، ومثار تندرٍ من العرب، حيث عرف «بشطحات» خروجه عن النص دائماً، ففي إحدى القمم العربية، كان يرى أن من في خارج الصالة يستمعون لكلمته بشكل أكثر وضوحا من الرؤساء العرب داخل القاعة المعدة للقمة. وبتصرفات الرجل غير العادية، والتي ينتظرها البعض في كل قمةٍ ومحفل يشارك فيه، وفي آخر اجتماع للجمعية العمومية في الأممالمتحدة، قام القذافي برمي ميثاق الأمم علناً وأمام كاميرات وسائل الإعلام. وفي أحد المؤتمرات العربية، طلب القذافي من الرئيس حسني مبارك مخاطبته ب «ملك ملوك أفريقيا» بناءً على طلب الوفد الليبي الحاضر للمؤتمر إياه، وهو المؤتمر الذي التقطت في أعقابه الصورة الشهيرة للقذافي وهو يضع يديه على أكتاف رؤساء عرب، أحدهم كان مبارك، وكانت الصورة الأخيرة. أما الرئيس المخلوع حسني مبارك، فيبتعد كل البعد عن صفات العقيد، فيتصف مبارك بالحنكة والهدوء في آنٍ واحد، واشتهر بترويه في مواجهته أي اختلاف قد يحدث في قاعات الاجتماعات، بدبلوماسيته المعهودة، بالإضافة إلى كونه متحدثاً من الطراز الأول. أما الرئيس التونسي المخلوع والذي يبرز كأحد الوجوه الغائبة عن قمة بغداد، لم يشتهر بأكثر من استماعه لما يدور حوله في القمم العربية، كالرئيس اليمني علي عبد الله صالح، فقد كانا غير مؤثرين في نهاية المطاف في الرأي العربي، ولم تكن مواقف بلديهما ذات وقعٍ قوي على القضايا العربية. وبقمة اليوم في بغداد تعود بلاد الرافدين للواجهة السياسية والدبلوماسية العربية، كونها المناسبة الأولى عربياً التي تحتضنها بعد عقودٍ من الزمن، وبعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين، الذي باغت هو الآخر منطقة الخليج بغزوه دولة الكويت عام 1990، وكانت تلك المرحلة، مفصليةً في انقسامٍ عربي لا تزال إفرازاته عالقةً حتى الآن. أما الحكومة العراقية التي تكثف أجهزتها الأمنية نشاطها وعملها في بغداد، تحسباً لأي أعمال عنفٍ أو تخريبٍ أمني تخشى حدوثه قُبيل موعد انعقاد القمة، وهو الأمر الذي قد يكون سبباً في عزوف بعض القادة والرؤساء العرب عن الحضور. علي عبد الله صالح
حسني مبارك
زين العابدين بن علي
أحد عناصر الشرطة العراقية في المنطقة الخضراء في بغداد (أ ف ب)