على الرغم من إصرار أهالي حفر الباطن على تسميتها ب (عاصمة الربيع) إلا أن المحافظة القابعة في شمالي شرق المملكة في واد منخفض من هضبة الصمان، عند التقاء وادي الباطن مع وادي فليج، باتت مرشحة لأن تتجاوز هذه المسميات والدخول في نهضة عمرانية وصناعية حديثة، خاصة في ظل التطور الكبير الذي شهدته المحافظة خلال السنوات الماضية. وترتكز المحافظة على مقومات نجاح أساسية ترشحها للحلول في مرتبة متميزة خلال المستقبل القريب في المجال الاقتصادي والتجاري والعمراني والسياحي، خاصة كونها تعتبر ملتقى طريقين دوليين، الأول يمتد من الرياض والمنطقة الوسطى إلى حفر الباطن ومنها إلى الكويت، والثاني طريق الشمال المؤدي إلى دول مجلس التعاون الخليجي مرورا بحفر الباطن بمحاذاة خط التابلاين إلى الأردن ومصر وسوريا ولبنان ومنها إلى تركيا ثم إلى القارة الأوروبية. ونشأت حفر الباطن كاستراحة لقوافل الحجاج والتجار القادمين من والى العراق للتزود بالمياه من آبار المياه التي عرفت واشتهرت بآبار أبي موسى الأشعري الذي أمر بحفرها، وهي الآن إحدى المحافظات العشر التابعة لإمارة المنطقة الشرقية، وتبعد عن العاصمة الرياض حوالي 500 كيلو متر، وترتفع عن سطح البحر بحوالي 210 أمتار على خط طول (58 ̊- 45 ̊) شرقاً، وخط عرض (25 ̊- 28 ̊) شمالاً. ويتبع لمحافظة حفر الباطن أكثر من 37 قرية وهجرة أبرزها مراكز القيصومة والذيبية، وتبلغ مساحة حفر الباطن 144 كيلو متر مربع. ويعتبر مناخها قاريا صحراويا تتفاوت فيه درجات الحرارة خلال الليل والنهار، وتكثر العواصف الرملية في أواخر فصل الربيع وفي فصل الخريف، ويطلق عليها أهاليها لقب (عاصمة الربيع) كونها اشتهرت في مواسم الربيع بإقبال السائحين والزوار على مناطقها الصحراوية، كما يطلق عليها البعض لقب (عاصمة الكمأ) لاشتهارها خلال سنوات مضت بانتشار الكمأ أو ما يسمى ب (الفقع)، غير أن أراضيها الصحراوية خلال السنتين الماضيتين لم تجتذب عديدا من الزوار بسبب حالة الجفاف التي ضربت معظم مناطق التنزه والرحلات البرية، وأصبح مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل الممتازة (مزاين أم رقيبة) الذي يقام سنويا على مسافة 180 كيلو مترا من حفر الباطن هو المهرجان الوحيد الذي يستقطب أكثر من سبعين ألف زائر خلال شهري محرم وصفر من كل عام. وتعتبر التركيبة السكانية لمحافظة حفر الباطن وما جاورها من هجر وقرى من التركيبات السكانية النادرة في المجتمع السعودي على اعتبار وجود أطياف اجتماعية شتى قدمت من قبائل نجد والكويت والعراق وسوريا بالإضافة إلى قبائل الحجاز والجنوب على اعتبار وجود أكبر قاعدة عسكرية وهي قاعدة الملك خالد العسكرية التي تبعد عن المحافظة قرابة ستين كيلو مترا، وهو الأمر الذي خلق مزيجا اجتماعيا نادرا وشكل انفتاحا ثقافيا هائلا تجسد على أرض الواقع من خلال البروز الثقافي الواضح لأبنائها الشعراء الذين وصلوا لمراتب متقدمة في عديد من المسابقات الشعرية. وازدهرت حفر الباطن على الصعيد التجاري والصناعي والاقتصادي بشكل واضح من خلال إقبال الشركات الفندقية المعروفة وبدأت ملامح الاستثمار تتسع منذ إعلان استقلال غرفة حفر الباطن عن مرجعيتها السابقة غرفة الشرقية في عام 1431، كما أعلنت هيئة المدن مؤخرا عن تدشين مدينة صناعية ب 16 مليون ريال وهي الخطوة التي يتوقع أن تحدث نقلة نوعية في تاريخ المحافظة. حفر الباطن مقبلة على نهضة عمرانية (تصوير: محمد فيصل)