استغربت من إلغاء ملتقى النهضة في الكويت قبل يومين. ومصدر الاستغراب أنني ظننت أن عقلية المنع والإلغاء – خصوصاً في دولة مثل الكويت – قد ولت منذ سنوات. وحينما كتبت على تويتر «يمنع الكتاب فيزيد انتشاره، يلغى ملتقى فيسمع به القاصي والداني» فإني فعلاً أعنيها حقيقة من حقائق يومنا. ليعذرني منظمو الملتقى، فلولا منع ملتقاهم في الكويت لما أخذ كل هذه الضجة. أنا واحد ممن لم يسمع بالملتقى إلا بعد الإلغاء. ومن قال إن المنع و الإلغاء سيحاصران الرأي المختلف في زمن تستطيع أن تؤسس فيه مؤسستك الإعلامية وأنت جالس في بيتك؟ المسألة هنا مسألة «مبدأ» الإلغاء نفسه، كيف يمكن لمثقف أو داعية أن يبرره؟ وصلتني تعليقات كثيرة من بعض مؤيدي الإلغاء تتهم الملتقى بأنه مجرد منبر «إخواني» يخفي أجندات سياسية معارضة. وحينما استعرضت بعض الأسماء المشاركة و التي أعرفها شخصياَ تساءلت: معقولة؟ كل هؤلاء من «الإخوان» وأنا لا أعرف؟ هل خالد الدخيل وتوفيق السيف وشفيق الغبرا وغانم النجار في قائمة «الإخوان»؟ لا أملك سوى السخرية من هكذا تبرير. أعود للمبدأ نفسه، ففكرة الإلغاء لم تعد تجدي في مثل هذه المرحلة بل إنها قد تكون سبباً جديداً في إشعال فتيل الفرقة والتوتر بين تيارات المجتمع الواحد. ماذا كان سيضير لو عقد الملتقى واجتمع هؤلاء المثقفون في مكان واحد لمناقشة قضايا حقوقية و فكرية هي أصلاً تناقش يومياً في كثير من فعالياتنا ووسائلنا الإعلامية؟ من المعيب أن يمارس الإقصاء ضد الأفكار والآراء لمجرد تصفية حسابات قديمة بين تيارات أريد لها أن تبقى متصارعة. تلك ممارسة علينا –في الوسط الثقافي – أن نرفضها بغض النظر عمن يمارسها، «ليبرالياً» كان أم «إسلامياً». أما الذين يصرون على «المنع» و»الإلغاء» فهم حتماً ما زالوا يعيشون في الأمس. إن اليوم «حقيقة» مختلفة!