دار مؤخراً جدل كبير بين الإتحاد الإنجليزي, والفيفا حول وضع شعار زهرة الخشخاش على قمصان المنتخب الإنجليزي في المباراة الودية الأخيرة أمام أسبانيا والتي وافقت اليوم الذي يلي “يوم الذكرى” وهي مناسبة تحتفل فيها دول الكومونويلث لتذكر الأرواح التي ماتت وهي تؤدي الخدمة العسكرية في الحرب العالمية الأولى، حيث أن إعلان انتهاء الحرب رسميا كان في 11 نوفمبر 1918. الفيفا رفضت في البداية وضع الشعار لأن قوانين الفيفا تمنع وضع أي شعارات تجارية أو دينية أو سياسية على قمصان المنتخبات الوطنية. وقد قوبل رفض الفيفا باستياء كبير من الاتحاد الإنجليزي, وتطور الموضوع ليخرج عن نطاق كرة القدم فيصبح قضية رأي عام, هاجمت فيه وسائل الإعلام البريطانية الفيفا بقوة, تدخل ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الذي وصف قرار الفيفا بأنه “شائن” و خاطب الفيفا رسمياً مؤكداً أن الأمر ليس له علاقة بالسياسة وأن الأمر هو احتفال وطني إنساني لا أكثر, ثم أعلن الإتحاد الإنجليزي عبر موقعه بأنه ستكون هناك 12 طريقة أخرى للاحتفال بيوم الذكرى في المباراة، منها ارتداء اللاعبين قمصان عليها شعار زهرة الخشخاش قبل المباراة و بعدها، و ستكون الزهور حاضرة وقت عزف النشيد الوطني، وسيسمح للباعة ببيع الزهور للمتفرجين، واللاعبين سيرتدون اساور سوداء حول الذراع و غيرها من الأفكار المبتكرة والتي بدت وكأنها تحدٍ لقرار الفيفا. أخيراً تراجعت الفيفا عن موقفها, واتفقت مع الاتحاد الإنجليزي بأن يرتدي اللاعبون الأساور السوداء وعليها شعار زهرة الخشخاش, موقف الفيفا فسر بأنه دفاعي, وضعيف, خاصة وأن اسم الفيفا هذه الأيام مرتبط بالفساد و قد أصبح مادة دسمة لانتقادات الإعلام، وخاصة الإعلام البريطاني الذي لم يتقبل خسارة تنظيم كأس العالم 2018, أما تدخل ديفيد كاميرون فكان لكسب بعض النقاط السياسية بطريقة سهلة. شعار زهرة الخشخاش حول ذراع لاعبي المنتخب الإنجليزي تراجع الفيفا, ورضوخها للضغوطات السياسية, وموقفها الغير حازم سيفتح الباب على مصراعيه في المستقبل لتدخل السياسة في لعبة كرة القدم, وربما كان الاتحاد الإنجليزي محقا بأن الغرض من وضع زهرة الخشخاش لم يكن سياسيا, وأنه أصبح ذكرى وطنية، إلا أنه يبقى في نهاية الأمر مرتبطا بحدث سياسي، و نفس الطلب قد يستغل من دولة أخرى لأسباب سياسية بحتة, ماذا لو طلب اليابانيون في المستقبل وضع زهور على قميص المنتخب الياباني في ذكرى ضحايا هوريشيما ونجازاكي؟, ماذا لو طلبت فيتنام تذكر ضحايا الحرب في الستينات؟, ماذا لو طلبت الولاياتالمتحدة تذكر ضحايا نفس الحرب؟, ماذا لو وضع الفريق العراقي شعاراً لتذكر ضحايا أي من الحروب السابقة؟, ماذا لو طلبت لبنان وضع شعار لتذكر ضحايا حرب 1982؟ هل ستعتبره إسرائيل أمراً إنسانياً؟, ماذا لو وضعت إسرائيل شعاراً لتذكر ضحايا حادثة ما؟, كيف ستستقبل الدول العربية هذا الطلب؟ ماذا لو طلبت أرمينيا وضع شعارا ما لتذكر ضحايا الحرب مع تركيا؟. العالم ملئ بالصراعات و الجدل السياسي الذي لا ينتهي و من المفترض أن تبقى الرياضة و كرة القدم بعيدة عن كل ذلك بقدر الإمكان، على الأقل من قبل منظمة رسمية للرياضة مثل الفيفا، و التي يبدو أنها ستمارس ازدواجية المعايير في قراراتها. الفيفا كانت أكثر صرامة قبل عدة أشهر فيما يتعلق بالمنتخب الأولمبي الإيراني لكرة القدم للسيدات في المباريات التأهيلية إلى لندن 2012 حينما رفض الفريق الإيراني خلع غطاء الرأس و هو ما اعتبرته الفيفا رمزا دينيا, فاعتبرت إيران خاسرة 3-0 في جميع مبارياتها أمام الأردن و تايلاند و أوزباكستان و فيتنام ومن ثم تذيلت مجموعتها. إنجلترا | اسبانيا | الفيفا | ديفيد كاميرون