سليمان العلويط يمكن أن تسقط الإمبراطورية الإنسانية بكاملها، فجأة، بفعل الإنسان نفسه،.نعم، رغم هرمها الحضاري العالي يمكن أن تسحق بكاملها وتسوّى بالأرض؛ وذلك بسبب صاحب الإمبراطورية نفسه، السيد الإنسان! السقوط الإنساني يعني الانحدار، وبطريقة فجائية من القمة إلى القاع، أو يحدث السقوط تدريجياً حتى النهاية. ويمكن مشاهدة ومتابعة السقوط الإنساني عندما يتخلى الإنسان نفسه عن قيمه ومبادئه ومعتقداته. يسقط الإنسان ولا يساوي شيئاً أبداً إذا هو خرج عن القاعدة وشذ عن العام، ويستمر السقوط عند البعض، في فترات انتقالية، قد تكون سريعة وقد تكون بطيئة، المهم أن الهرم الإنساني، يتهاوى أمام أنظار الآخرين، ويتحول إلى أجزاء تتساقط وتتناثر هنا وهناك. وأن يسقط الإنسان فجأة، أو تدريجياً، بعدما كان شامخاً، هو أمر عسير، بعد أن كان مرفوع الرأس، مزهواً بصناعاته ومنجزاته؛ ومن ثم يتحول إلى أجزاء وأشلاء! والسقوط الإنساني كله، معنوي، فالإنسان يتعرض للسقوط أو يجلبه لنفسه، معنوياً لا مادياً، سيظل إنساناً من الناحية التكوينية والخلقية الشكلية، ولكنه يشعر إن كان ذا حس بداخله، أنه سقط أمام نفسه وأمام الآخرين. قد يساهم البعض في سقوط إنسان ما؛ وعندما تكتمل مهمتهم في إحداث ذلك، لا يكتفون بمشاهدة السقوط عن كثب، بل تجدهم يتهكمون بالساقط، وهم السبب في سقوطه! والسقوط الإنساني أمر قاسٍ جداً على المرء، وكلمة سقوط وحدها تعني الكثير الخطير المزعج في حد ذاته، ويزداد الأمر صعوبة لأنّ السقوط مقترنٌ بالإنسان، لأنّه مكرم من قبل الله جل وعلا؛ ومكرم ومفضل على جميع المخلوقات، فلماذا يسقط نفسه أو يحاول إسقاط غيره؟! قد تلعب الصدفة، أو سوء الطالع، دوراً في السقوط الإنساني، وهذا أهون، فحين يحدث السقوط الإنساني، بدون أن يكون السبب الإنسان نفسه، حينئذ يهون الأمر، ويكون به من الراحة والطمأنينة النفسية، لأنه يدرك بداخله أن ما حدث له لم يكن هو السبب فيه. والبعض يصر على السقوط، وهو يعيه تماماً، يصر أن يسقط ويسقط الآخرين معه! وهذا شذوذ في التفكير، وشذوذ في الفعل، وفي النهاية يعطي صورة حقيقية بشعة لمعنى السقوط الإنساني، والخاسر هو الإنسان نفسه وأسرته ومجتمعه. هناك عدة عوامل وأسباب تحمي الإنسان وتمنعه من السقوط، منها الإيمان القوي بالله جل وعلا، ومنها الثقة بالنفس، والتربية الصحيحة، والصحبة الطيبة الصالحة، وكذلك المجتمع الواعي المتراحم، الذي يدرك أفراده ما لهم وما عليهم، ويحمل بعضهم بعضاً. حمانا الله وإياكم من كل أنواع السقوط.