أعلن المشرف العام التنفيذي للمؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور قاسم بن عثمان القصبي بدء العمل ببرنامج الطب الدقيق ( الشخصي ) كأحد مبادرات التحول الوطني، وهو استخدام الخارطة الوراثية للجينات المورثة للأمراض المختلفة (الجينوم)، ليكون النواة التقنية للتشخيص والوقاية الذي لا يتوافر حالياً سوى في عدد قليل من المراكز الطبية المتميزة عالمياً. وأوضح الدكتور القصبي أنه تم تكوين فريق علمي للمشروع يزيد عن ال 100 مختص من أطباء وعلماء أبحاث وصيادلة وممرضين وفنيين وأخصائيوا مختبرات، مشيرا إلى أنه جرى تجهيز مختبرات عالية التقنية وبجودة عالية تتماشى مع المعايير العالمية مضيفا أن هذا البرنامج سيسهم في تدريب كوادر سعودية في هذا المجال. وأكد الدكتور القصبي أن هذا البرنامج سيحد من التكلفة الهائلة لمعالجة الأمراض المختلفة وبشكل سنوي، من خلال الاكتشاف والعلاج المبكر. ويعد برنامج الطب الدقيق مفهوماً متطوراً للرعاية الصحية وفق نتائج الأبحاث في العلوم التطبيقية المختلفة مثل الكيمياء والأحياء الدقيقة والكيمياء الحيوية واستخدامات الحاسب الآلي كناتج للتطور التقني والنتاج البحثي. وشكل التوصل لخريطة الجينوم البشري نقلة نوعية في المجال البحثي والتعرف على مسببات الأمراض الوراثية، بالإضافة إلى أن نتاج الأبحاث التي تحاول أن تفسر الإختلافات الفردية في الاستجابة للعقاقير والأدوية بين شخص وآخر أعادت تشكيل نظرة المجتمع الطبي والمعرفي لطبيعة الأمراض وكيفية علاجها. وأشار الدكتور القصبي إلى أنه إيمانا بأهمية البحث العلمي وتطوير مخرجاته وتحقيقا للتكامل المطلوب في نقل المعرفة وتوطينها قام مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث بإنشاء مختبرات متخصصة للجينوم الطبي ضمن برنامج التحول الوطني، مواكباً بذلك رؤية المملكة 2030. وفي هذا الإطار كشف الدكتور القصبي عن عدة إنجازات حققها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث من أهمها: الكشف المبكر عن عدد من الأمراض الوراثية خلال فترة الحمل، حيث تم عمل أكثر من 3000 فحص جيني خلال فترة الحمل. وتم اكتشاف أكثر من 200 مرض وراثي لم يكن معروفاً من قبل، مما يتيح الحد من الأمراض الوراثيه ومساعدة الوالدين في إنجاب أطفال أصحاء بإذن الله. كما تم الكشف عن الخلل الوراثي المسبب للأمراض الوراثية الغير معروفة مسبقا حيث تم فحص أكثر من 10 آلاف مرض جيني في مختبرات البرنامج، وتم الكشف عن أكثر من 5 آلاف طفرة وراثية لم تكتشف من قبل مما يعني أمكانية الكشف المبكرعن الأمراض الوراثية والحد من انتشارها. ويساعد هذا البرنامج أيضا في الوقاية من الجينات المورثة للأمراض المزمنة من خلال الكشف المبكر قبل الاصابة بالمرض المزمن، والتحضير لهذا المرض، واتخاذ التدابير العلاجية والوقائية، من ناحية تغيير النمط الحياتي أو النمط الغذائي، وذلك للوقاية من مرض قادم، مما يؤجل أو قد يقي من بعض الأمراض، فتتم المعالجة مسبقاً قبل الإصابة وقبل الدخول في دوامة التشخيص وتأكيد الإصابة والدخول في خطط علاجية مختلفة، وذلك مثل الأمراض المزمنة التي تحدث في سن متقدم للإنسان كالسرطان والقلب والضغط والمخ والاعصاب والكلى وغيرها وذلك للحد من الإصابة بهذه الأمراض في المستقبل عن طريق العلاج المبكر وتجنب مسببات المرض وعمل الفحوصات اللازمة. ويوفر البرنامج أيضاً إمكانية التعرف على الاستجابة الدوائية وعلاقتها بالمورث الجيني، بحسب إستجابة كل مريض لجرعات الأدوية الموصوفة والتي تختلف من مريض لآخر وذلك بسبب اختلاف التكوين الجيني والعرقي الأمر الذي يحقق فاعلية إيجابية في النتائج العلاجية لكل مريض على حدة. كما يشمل البرنامج تصنيفاً للوبائيات ومعرفة مدى مقاومتها للمضادات الحيوية، حيث يتم إعطاء المضاد الحيوي المناسب بعد معرفة مدى ونوع وقوة مقاومة الوباء للمضاد، وبذلك يتمكن المضاد من القضاء على المرض وتحقيق الشفاء العاجل دون إسراف في تناول المضادات والأخطار المترتبة عليها، حيث لم يعد الطب الشخصي مقتصراً على الأمراض الوراثية والمزمنة فقط، بل تجاوز ذلك للميكروبات والفيروسات.