2.8% انخفاض استهلاك الفرد للبنزين    14 تقنية مبتكرة في البيئات الصناعية بالسعودية    100 مليار ريال أرباح القطاع غير الربحي    أمين الجامعة العربية: السلام خيار العرب الإستراتيجي    المملكة تؤكد التزامها بأحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية    مشروع "ورث مصحفًا" يستهدف ضيوف الرحمن بمكة بثمان وعشرين لغة    برعاية خادم الحرمين.. مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية ينطلق بمكة    نخيل العلا.. واحات غنية تنتج 116 ألف طن من التمور سنويًا    «سلمان للإغاثة» يوزّع 48 سماعة أذن للطلاب ذوي الإعاقة السمعية في محافظة المهرة    صدارة الاتحاد في منعطف القادسية.. الخلود يلتقي الفتح.. الوحدة أمام الرائد    الاتحاد أكمل تحضيراته    غونزاليس: ندرك قوة الاتحاد    الحكم السعودي"سامي الجريس" ينضم لحكام فيديو النخبة على مستوى قارة آسيا    تركي آل الشيخ وTKO يعلنان عن إطلاق منظمة جديدة للملاكمة بالشراكة مع "صلة"    محافظ الطائف يشارك فرع وزارة الصحة حفل الإفطار الرمضاني    "تعليم الطائف":غداً إيداع أكثر من 4 ملايين ريال في حسابات مديري المدارس    أمير المنطقة الشرقية: كل يتيم في المملكة له أبٌ اسمه سلمان بن عبدالعزيز    بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة يطلق المرحلة الثانية من برنامج التمويل بالوكالة    أهالي الدوادمي يشاركون في تسمية إحدى الحدائق العامة    أمير حائل يشهد حفل تكريم الفائزين بمسابقة جزاع بن محمد الرضيمان    أوروبا تبحث تعزيز قدراتها الدفاعية بعد تعليق الدعم الأمريكي لأوكرانيا    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    الصين تصعّد سباق التسلح لمواجهة التفوق الأمريكي في آسيا    تحذيرات من كارثة إنسانية في غزة    القادسية والاتحاد قمة مفصلية    انطلاق أعمال مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    الحرمان الشريفان يفتحان أبواب الاعتكاف إلكترونيًا    كيف نتناول الأدوية في رمضان؟    "مشروع الأمير محمد بن سلمان" يجدد مسجد القلعة    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    فيصل بن مشعل يستقبل محافظ الأسياح ويتسلم التقرير الختامي لمهرجان الصقور    «PIF» و«الصادرات الإيطالية» يوقعان مذكرة ب 3 مليارات دولار    مسؤول روسي: مؤامرة تحاك ضد ترمب في أوروبا    لأول مرة طالبة من تعليم الطائف تتأهل إلى مسابقة آيسف على مستوى المملكة    بماذا رد البيت الأبيض على خطة إعمار غزة؟    «الأسمري» نائباً لرئيس الرقمنة وذكاء الأعمال    ولي العهد مترئساً مجلس الوزراء: نعتز بخدمة الحرمين    مركز الملك سلمان يدشن سلة "إطعام" بإندونيسيا    طارق طلبة مديراً لمكتب «عكاظ» بالقاهرة    تكريم الفائزين بمسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن    حائل: القبض على مرتكبي واقعة تصادم بين مركبتين لخلاف بينهما    14 دبلوماً و74 محتوى و220 مقعداً تدريبياً لتأهيل أفراد العدالة    1637 ملياراً إجمالي الإيرادات.. 398 مليار ريال أرباح أرامكو عام 2024    في ذهاب ربع نهائي آسيا 2.. التعاون يعود بتعادل ثمين من ميدان تراكتور    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    5 نصائح لضبط أعصابك في العمل    ولادة طفل بريطاني بعين واحدة    وفاة" الذراع الذهبية" منقذ ملايين الأطفال    الأهلي يهزم الريان ويرفع الراس    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    الحقيقة !    «الشؤون الإسلامية» تقيم مأدبة إفطار للصائمين بالجبل الأسود    التسامح.. سمة سعودية !    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    محافظ الطائف يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية بالمحافظة الإفطار الرمضاني    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    









حين تقود البطانة الفاسدة رئيسة الجمهورية للسجن

أخيراً، رئيسة كوريا الجنوبية، «باك غيون هيه» تتسلم عهدة السجن وهي عبارة عن بطانية ولباس موحد وصينية وصحن للطعام. تقبع الرئيسة في زنزانة لا تتجاوز مساحتها عشرة أمتار مربعة في مركز الاحتجاز في العاصمة سول، حاملة الرقم 503 بقرار من المدعي العام بعد أن وجهت لها مجموعة من التهم أهمها الاشتباه في قبولها رشاوى واستغلالها السلطة والإكراه وتسريبها أسرار دولة. لكن السبب يكمن في صديقة الرئيسة وإحدى البطانات الفاسدة. الصديقة هذه تدعى شون سون-سيل، التي تحاكم للاشتباه في استغلال نفوذها، كصديقة للرئيسة، وإجبار الشركات الكبرى على التبرع بنحو 70 مليون دولار لمؤسسات مشبوهة تشرف عليها. الصديقة تسكن في زنزانة قريبة من زنزانة الرئيسة، وكذلك يقبع وريث إمبراطورية شركة سامسونج لي جاي يونج ومسؤولون كبار.
في مقال سابق تحدثنا عن قرار البرلمان الكوري بتجميد الرئيسة عن أداء مهامها حتى ينتهي التحقيق في تهم الفساد التي تكاثرت وبدا أعضاء الجمعية الوطنية يعدون عليها نواة التمر الذي تضرسه. فبينما كان التحقيق يجري مع صديقة الرئيسة، كان أحد أعضاء البرلمان كيم سانج يفجر قضية أخرى تتمثل في شراء القصر الرئاسي 364 قرصاً من حبات الفياغرا، وأكثر من 300 حبة منع الحمل، وذلك أثناء الإعداد لسفر الرئيسة في رحلة أخذتها إلى إثيوبيا وكينيا وأوغندا، فضلاً عن اتهامات للرئيسة باستخدام السحر لصرف الأنظار عن ما تقوم به من انحرافات وفساد في الدولة.
هذا الوضع المزري بالنسبة لدولة تمارس الجدية في مكافحة الفساد، قاد المجتمع الكوري إلى التحرك. فقد تشكلت «حركة الشعب الطارئة لإقالة الرئيسة» التي سيرت عدداً من المظاهرات، وهي حركة مكونة من نحو 1500 منظمة مدنية، وعلى رأسهما طلاب المدارس الثانوية والجامعات والأسر الكورية. تحركت الحشود من أمام المدارس والجامعات والميادين العامة في العاصمة «سول» واتجهت إلى طريقها حول منطقة القصر الرئاسي. الرئيسة باك درجت على درء التهم عنها، وسير أنصارها مظاهرات تطالب بالكف عن محاكمتها وتندد بعزلها عن المنصب الأول، وقد تخللت تلك المظاهرات مصادمات سقط فيها قتيلان وجرحى.
الرئيسة باك تنحدر من عائلة عرفت طعم السلطة. فقد كان والدها الرئيس باك تشونج هيه دكتاتوراً، لكنه أراد تثبيت مفاصل الدولة في إقليم ملتهب، وقد قتلته بطانته «المسؤول عن أمنه»، كما تم قتل والدتها قبل والدها. هي بنت العز والدلال، لكنها ابنة المصائب حيث مرت بمراحل عصيبة في حياتها بقتل والديها، وانقلاب البطانة على والدها، ليس لأنه دكتاتور، بل لأنها السلطة باختصار.
هذه التطورات تحدث في كوريا الجنوبية، في وقت تشتعل فيه الجبهات حولها من الجارة الشمالية التي تمارس هوايتها في القيام بالتجارب على الصواريخ الجديدة، بينما تدخل الولايات المتحدة على الخط فتقرر نشر منظومة صواريخ «ثاد» في كوريا الجنوبية قبل نهاية العام الجاري، لتسارع روسيا باعتبار هذه الخطوة «زعزعة لاستقرار المنطقة».
الجدية في مكافحة الفساد وضعت الشركات الصناعية الكبرى في البلاد ضمن دائرة الاتهام بالتواطؤ مع صديقة الرئيسة التي استغلت منصبها لتبتز الآخرين بالتبرع لصناديق يقال عنها خيرية.
تعتبر كوريا الجنوبية ذات الخمسين مليون نسمة، صاحبة الرقم الحادي عشر في الاقتصاد العالمي، وتأتي قبل روسيا وإسبانيا في هذا المجال، والأمية فيها معدومة، بعد أن كانت تشكل 80 % عندما أسدل الستار على الحرب العالمية الثانية عام 1945، وخلال خمسين عاماً تمكنت من بناء البلاد رغم الدكتاتوريات المتعاقبة وحرب الانفصال التي اندلعت في السنوات الأولى من العقد الخمسيني في القرن المنصرم. هذا التقدم الاقتصادي يتطلب حرباً شرسة على الفساد المالي والإداري، حتى وإن طال المنصب الأول الرئيسة التي تعتبر أول امرأة تتبوأ هذا المنصب وأول رئيس يتعرض للعزل والسجن في تاريخ كوريا الجنوبية الحديث.
لا شك أن أمام الرئيسة المعزولة أياماً صعبة في محبسها وهي تعامل كأي سجينة دون أي مراعاة، بل إنها تعتبر عاراً على كوريا إذا أدينت، حيث ينهض الشعب الكوري ليجد له مكاناً بين الأمم المتقدمة، بينما هي تمارس السحر وتشتري الحبة الزرقاء لوفدها الذاهب لإفريقيا وتقرب صديقتها وتسرب أسرار دولتها.
هي كوريا الناهضة من براثن الفقر والعدم وإزاحة المساحة اللازمة لها لتكون واحدة من الدول التي لا تمتلك الثروات الطبيعية لكنها استثمرت في الإنسان أكبر ثروة حقيقية لتصل إلى هذا المستوى من التقدم والديمقراطية بعد عقود من الدكتاتورية والتخلف والفقر والمرض. هذه الدولة أعلنت حربها على الفساد المستشري الذي يؤثر سلباً عليها وعلى سمعتها، فقررت الحرب عليه وعلى كل المستويات بما فيها المنصب الأول، رئيس الجمهورية، لترسل الرئيس للسجن حتى وإن كانت امرأة.
ربما يكون نموذج الرئيسة السجينة هو النموذج الأكبر في العالم المعاصر في الحرب على الفساد ومن أجل الحفاظ على المال العام على مستوى العالم. ما حدث لرئيسة جمهورية كوريا الجنوبية ينبغي أن يكون درساً عميقاً لكل دول العالم الثالث التي تريد أن يكون لبلدانها مكان تحت شمس التنمية الإنسانية الشاملة. إن الفساد آفة وسرطان ينبغي اجتثاثه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.