انطلقت الجلسة الافتتاحية لمحادثات «أستانا» حول سوريا أمس، بحضور الدول الضامنة أو الراعية لها ووفدي المعارضة والنظام السوري وجهاً لوجه. وفي كلمته أمام الحاضرين في الجلسة الافتتاحية، أن العملية السياسية تبدأ برحيل بشار الأسد والطغمة الحاكمة وإخراج كل الميليشيات والقوى الأجنبية التابعة لإيران، مشدداً على أن الفصائل لم تأت إلى المفاوضات لتقاسم السلطة أو البحث عن نفوذ، و إنما «لنعيد الأمن لسوريا ونفرج عن المعتقلين والمعتقلات». وقال علوش «إن أمام سياسة القتل والتدمير ظهر الجيش الحر دفاعاً عن النفس والعرض وكان منهم المدرس والطبيب والمهندس وآلاف الضباط والجنود المنشقين، مشدداً على «نحن نقاتل عن حقوق.. حق الحياة وحق الحرية وحق تقرير المصير وحق اختيار الشعب من يحكمه». وأردف علوش في كلمته، إن وجود ميليشيات أجنبية استجلبتها إيران وصنعها النظام وعلى رأسها حزب الله الإرهابي أو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، تساهم في استمرار شلال الدماء ولا تختلف عن تنظيم الدولة التي حددت أنها إرهابية. وأضاف رئيس وفد الفصائل الثورية أنه «نريد تثبيت وقف إطلاق النار وتجميد العمليات العسكرية في كل أنحاء سوريا وتطبيق الإجراءات الإنسانية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2254 ليشكّل ذلك ورقة قوية للدفع باتجاه الانتقال السياسي المنشود في سوريا بحسب بيان جنيف 2012». وكلام علوش استفز على ما يبدو رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري، الذي قال للصحفيين إثر خروجه من الجلسة الافتتاحية التي كال لمنظميها المدح في إشارة إلى دولة «كازاخستان» التي وصفها بالشقيقة، إن كلمة علوش أو من وصفهم «بالجماعات الإرهابية المسلحة» خرجت على اللباقة الدبلوماسية. إلا أن الجعفري الذي بدت لهجته تصعيدية لم يحدد أين خرجت كلمة المعارضة عن تلك اللباقة. وقال الجعفري إن كلمة علوش اتصفت بأنها غير ذات صلة بالاجتماع، وليست على مستوى الحدث. ولعل الجعفري قصد بعدم الاتصال بالواقع، الشق الذي تكلم فيه علوش عن أن العملية السياسية تبدأ برحيل بشار الأسد والطغمة الحاكمة، وإخراج الميليشيات والقوى الأجنبية التابعة لإيران، من عموم الأراضي السورية، ومطالبة المجتمع الدولي بإدراج هذه الميليشيات بقائمة الإرهاب. على الرغم من أن ما أورده علوش متصل تماماً بالواقع الميداني على الأرض في سوريا، لا سيما وأن قتال الميليشيات الإيرانية إلى جانب الأسد بات أشبه بحقائق مطلقة، وقد أكدها مسؤولون وعسكريون إيرانيون مراراً. من جهته قال ستافان دي ميستورا مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سوريا إنه يأمل أن تؤدي المحادثات غير المباشرة بين الحكومة السورية والمعارضة في «أستانا» إلى مفاوضات مباشرة تقودها الأممالمتحدة. ونقلت الأممالمتحدة عن دي ميستورا قوله في الجلسة الافتتاحية لمحادثات «أستانا» «لا يمكن الوصول إلى حل دائم طويل الأمد للصراع في سوريا عبر الوسائل العسكرية فقط لكن من خلال عملية سياسية». وأضاف «يحتاج الجانبان إلى قبول ذلك والتخلي عن هدفهما المتمثل في استخدام الوسائل العسكرية. من جهته أكد متحدث باسم وفد فصائل المعارضة السورية أن الفصائل ستواصل القتال في حال فشلت المحادثات الجارية في «أستانا» مع وفد النظام السوري. وقال أسامة أبوزيد وهو متحدث باسم وفد الفصائل «إذا نجحت الطاولة نحن مع الطاولة. لكن إذا لم تنجح مع الأسف لا يكون لنا خيار غير استمرار القتال». وقال وزير خارجية كازخستان، خيرت عبد الرحمنوف، إن بلاده ترى أن «المفاوضات المبنية على التفاهم والثقة المتبادلة» هي السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية. أضاف الوزير الكازخي في كلمة ألقاها في افتتاح مباحثات «أستانا»، إن «الوضع الصعب في سوريا حوّل أنظار العالم إليها». وشدد على أنه «يجب الاعتراف بأن الصراع الدموي الدائر هناك منذ نحو 6 سنوات، لم يجلب لهذا البلد الذي تتقاطع فيه الحضارات والثقافات المختلفة، سوى المعاناة والآلام». واعتبر أن «لقاء اليوم، يعكس ما يبذله المجتمع الدولي من جهود جبارة لتسوية الوضع في سوريا بطرق سلمية». وأوضح أن «جمهورية كازخستان ترى أن السببيل السليم والوحيد لتسوية الوضع في سوريا، هو المفاوضات التي من الضروري أن تكون مبنية على أساس الثقة المبتادلة والتفاهم». وفي الإطار نفسه، أكد عبد الرحمنوف أنه «على ثقة بأن لقاء «أستانا»سيهيئ الظروف اللازمة لجميع الأطراف المعنية، من أجل إيجاد حل للأزمة وفق عملية جنيف، وفي إطار منظمة الأممالمتحدة؛ ما يساهم بشكل لائق في إحلال السلام والاستقرار في سوريا». أكدت الدول الثلاث الراعية لمفاوضات الاستانة، الحاصة اليوم بين المعارضة ونظام الأسد، على أنها ستسعى من خلال خطوات ملموسة وباستخدام نفوذها على الأطراف إلى تعزيز نظام وقف إطلاق النار الذي أسس بناء على الترتيبات الموقعة في 29 ديسمبر 2016 والتي دعمها قرار مجلس الأمن 2336 (2016) والتي تساهم في تقليل الخروقات وتخفيض حجم العنف وبناء الثقة وضمان وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وسلاسة ودون معوقات بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2165 (2014) وضمان حماية وحرية حركة المدنيين في سوريا، بحسب شبكة شام الإخبارية التي قالت إنها حصلت على نسخة من مسودة القرار. وأشارت مسودة القرار، إلى إنشاء آلية ثلاثية الأطراف لمراقبة وضمان الالتزام التام بوقف إطلاق النار ومنع أي أعمال استفزازية وتحديد كافة طرائف وقف إطلاق النار. وأكدت المسودة على عزم الدول الثلاث» إيران وروسيا وتركيا» على محاربة تنظيم داعش وجبهة فتح الشام بشكل مشترك وفصل هذين التنظيمين عن مجموعات المعارضة المسلحة. وعبرت المسودة التي من المقرر أن تصدر اليوم، عن قناعة الدول المشار إليها بأن هناك ضرورة ملحة لتسريع الجهود لإطلاق عملية مفاوضات بالتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254، برعاية الأممالمتحدة في جنيف في 8 فبراير المقبل.