سئمت ومللت وتعبت وربما غيري كثيرون من كل ما تمر به منطقة الشرق الأوسط من حروب وثورات غبية و"إعدامات" لدول كانت حينها الأجمل والأكثر جاذبية تحت مسمى "ربيع عربي" هو في الحقيقة خريف مُحرق، ولا أعلم كيف وصل الحال بنا في دولنا العربية إلى هذا، وهي التي كانت آمنة مطمئنة، وإن لم تكن مثالية، لكن الوضع لا يقارن بوضعها الحالي بأي حال من الأحوال، ما حصل هو تخريب لأوطان وتدمير لشعوب. أعزف كثيرا عن متابعة الأخبار من منطلق قرار وقناعة توصلت إليها في السنوات الأخيرة أن لا أتابع ما يسبب لي الحزن والكآبة، لكن الواقع يستفز ذلك القرار، وتلك القناعة أحيانا. فأتابع أخبار دول لم يكن يخطر ببالي شخصيا أنني سأراها في مثل هذا الدمار الذي يحف شوارعها، وذلك القتل الذي فتك بمواطنيها، ودمر كل معلم للحياة وللجمال فيها، حتى باتت صورها أشبه ما تكون بأفلام الرعب. أتابع مثل غيري، لكنني كثيرا ما أنظر من نافذة غرفتي المطلة على الشارع، وأتخيل ماذا سيحدث لولا سمح الله كانت هذه الغوغائية في شارعنا الذي يسوده الهدوء والأمان، وأننا بفضل ما ننعم به من أمن وأمان ننام قريري الأعين، بل وإننا ننسى في ليالٍ كثيرة أن نغلق باب بيتنا، فأكرر كثيرا الحمد لله على نعمة الأمن والأمان، واللهم احفظ لنا وطننا يا رب، واحفظ جنودنا البواسل أينما يكونون. كيف يمكن لمواطني تلك الدول العيش تحت الصواريخ وبين ركام كان في أيام مضت بيوتا تأويهم وتحميهم وأطفالهم؟ اللهم رحمتك وحمايتك ورعايتك ولطفك بالبشرية جمعاء. ليالٍ مقلقة وصباحات مرعبة يعيشونها خوفا على أنفسهم وعائلاتهم. نتابع الأحداث المخيفة ما بين قنوات التليفزيون العربية والأجنبية، وما بين "ساحات" الإعلام الاجتماعي "السوشيال ميديا" لاسيما من خلال تويتر الذي يعج بالغث والسمين من الآراء ومنها المتطرف بطبيعة الحال، وأحدث نفسي ماذا لو تحولت تلك الساحات الافتراضية إلى أخرى حقيقية في مدننا؟ ماذا لو أتيحت الفرصة وتحت أي مسمى ربيعاً أو صيفاً لمثل هؤلاء المتطرفين الذين يبررون العنف والقتل والإرهاب ويجعلون من أذية الآخر وربما قتله ردة فعل طبيعية لمجرد اختلاف في الرأي والتوجه والفكر فقط؟. اللهم احفظ علينا نعمة الأمن والأمان. فزعت لأني موقنة بأن العنف سيكون ديدنهم، فالعنف الافتراضي هو ذاته الواقعي، الفرق في الساحة وحجم المساحة. فزعت من مجرد التخيل لأشخاص يقتحمون سور بيتي أو يكسرون بابه لأنهم يجدون في ذلك كل الحق الذي يوجدون مبرراته كما تشاء أهواؤهم، وكما نشاهد في فوضى دول الخريف العربي فيمارسون محاكمة مخلوقات الله كأنهم آلهة فيقتلون ويهتكون الأعراض. أعيش الأمن وأردد بيني ونفسي وربما بصوت مرتفع: اللهم احفظ علينا الأمن والأمان، واكفنا شر كل حاسد وحاقد يريد بوطننا شراً، وشد يا رب من عزائم جنودنا دروع الوطن. ننام في أمان ومنازلنا فيها ما يكفينا ونتوجه إلى أعمالنا وقضاء مصالحنا في يسر وسهولة، وربما نتذمر من حفريات أو شوارع مغلقة، ونعم لعل لنا متطلبات، فعلى قدر العشم تكون الأمنيات، لكن ذلك؛ لأننا نرغب أن يكون الوطن مثالياً؛ لأننا نحبه ونرغب أن يبادلنا حباً بحب وعطاء بعطاء. الحمدلله.. الحمد لله.