علي حسن الغاوي، مجرد موظف بسيط، وأب ل 6 بنات، و 3 أبناء. لا يملك من حطام الدنيا شيئاً إلا ما يحفظ كرامته. حتى هذا الرجل المحسوب على ذوي الحال الضعيف لم يسلم من اعتداء الإرهاب. وصباح أمس الأول كان أعزلَ حين حاول مسلّحان الفتك به في صباح مشمس، وسط شارعٍ مليء بالطلاب العائدين من اختباراتهم، ببلدة القديح. كان الغاوي المستهدَف الأول في محاولتين إرهابيتين. أم المستهدف الثاني؛ فهو شاب من بلدة القديح نفسها، أصابه الرصاص في قدمه. 20 رصاصة من سلاحين أوتوماتيكيين، 6 منها أصابت السيارة مباشرة، فيما أصاب الباقي 4 سيارات متوقفة، وجدار مدرسة سلمان الفارسي. وأمام هذا الوابل؛ لم يجد علي حسن الغاوي من وسيلة للنجاة بنفسه إلا التظاهر بالموت والاستلقاء على مقعد سيارته الشيفروليه القديمة التي توقّفت بعد توقف محركها وحده. ولم ينجُ الغاوي وحده، بل نجا معه طلّابٌ كانوا عائدين من مدارسهم بعد أداء الامتحانات. ولم ينتبه الغاوي إلى هذه التفاصيل إلا حين اختفى المسلّحان، وخرج المعلمون من المدرسة، وبينهم أخوه، وأدخلوه إلى المدرسة وأبلغوا الشرطة. الغاوي كشف ل «الشرق»، تفاصيل ما حدث صباح أمس الأول، في أوسع شوارع بلدة القديح التابعة لمحافظة القطيف، بعد خروجه من مجلس «عزاء» شرقيّ البلدة. وقال: اتجهت نحو الغرب، وتوقفت عند محلّ مقابل مدرسة سلمان الفارسي، لأشتري بعض الحاجيات، وبعد خروجي من المحل ركبت سيارتي وبدأتُ أنعطف يميناً، ليضجّ المكان بصوت الرصاص من خلف السيارة يميناً. يضيف: كنت أسمع صوت ارتطام الرصاص بهيكل السيارة، رصاصة بعد رصاصة. استلقيتُ على مقعد السيارة، تظاهرتُ بالموت. وبقيت مستلقياً قرابة 5 دقائق. بعدها لمحت أخي (المعلم في المدرسة) يلوّح لي ويطلب مني اللجوء إلى مبنى المدرسة. شعرتُ ببعض الطمأنينة، وبدأتُ أترجل عن السيارة.. وما هي إلا لحظات حتى عاد وابل الرصاص إلى الضجيج.. ومن دون انتباه أو تركيز؛ تركت السيارة رحت أهرول في اتجاه بستان النخيل المجاور للمدرسة من الغرب، والرصاص يلاحقني.. ولم ينقذني إلا خروج المعلمين من المدرسة، وبدء التجمهر.. عندها اختفى المسلّحان من المشهد.. كان الغاوي يواجه الموت أعزلَ، وحين خرج المعلمون كان أخوه بينهم.. أخذوه إلى داخل المدرسة، واتصلوا بالجهات الأمنية لتتدخل. وعن أوصاف الملثمين قال الغاوي إنهما يرتديان لبساساً أسود، ويحمل كل منهما سلاحاً آلياً «رشاش»، وكانت سيارتهم من طراز «هايلكس» جديد. وعلي حسن الغاوي هو صهر القاضي المختطَف الشيخ محمد الجيراني، وهو متزوج ولديه 6 بنات و 3 أبناء، ويبلغ ال 54 سنة. وكانت شرطة المنطقة الشرقية قد أعلنت، أمس، عن واقعتين، في محافظة القطيف، وكلتاهما إطلاق نارٍ. وأفاد الناطق الإعلامي باسم شرطة المنطقة بأن مواطناً يبلغ من العمر 54 عاماً تعرَّض صباح الثلاثاء إلى إطلاق نارٍ من شخصين ملثَّمين أثناء وجوده في سيارته الخاصة بالقرب من مدرسة سلمان الفارسي في القديح. ولم يُصَب المواطن، أو أيٌّ من المارة والموجودين في الموقع، فيما تضررت سيارته، وعدد من السيارات المتوقفة جراء الطلقات النارية. وأوضح الناطق الإعلامي أن شرطة محافظة القطيف باشرت بلاغاً عن الحادث في العاشرة من صباح الثلاثاء، مؤكداً «تمت مباشرة إجراءات الضبط الجنائي للجريمة التي لا تزال قيد المتابعة الأمنية لتحديد دوافعها وكشف هوية المتورطين فيها». وعند الخامسة و30 دقيقة من مساء اليوم نفسه، أبلغ مستشفى القطيف المركزي شرطة المحافظة عن إسعاف مواطن عشريني يسكن في القديح، وأصيب بعدة طلقات نارية في ساقه وقدمه. وأشار المجني عليه، أثناء استجوابه، إلى تعرضه إلى إطلاق نار من قِبل شخصين، يشتبِه في أنهما ممن تم نشر أسمائهم وصورهم على قائمةٍ للمطلوبين، وذلك أثناء توجهه إلى بلدة العوامية لزيارة أحد أقاربه. ولفت الناطق الإعلامي إلى مباشرة الجهات المختصة إجراءات الضبط الجنائي للحادث، ومواصلة البحث والتحري عن المطلوبين. واختفى الشيخ محمد الجيراني، وهو قاضي دائرة الأوقاف والمواريث في القطيف، من أمام منزله في بلدة تاروت في ال 14 من شهر ربيع الأول الفائت. وأعلنت وزارة الداخلية القبض على 3 من المشاركين في عملية الاختطاف وتحديد هوية 3 آخرين تجري عملية ملاحقتهم. والموقوفون الثلاثة هم عبدالله علي أحمد آل درويش، ومازن علي أحمد القبعة، ومصطفى أحمد سلمان آل سهوان، إذ كُلِّفوا من قِبَل مخططي ومنفذي هذه الجريمة بأعمال المراقبة والرصد للمجني عليه. كما أسفرت التحقيقات عن تحديد هوية 3 من الجناة المتورطين في مباشرة الجريمة، وهم محمد حسين علي العمار، وميثم علي محمد القديحي، وعلي بلال سعود الحمد، المعلَن عنهم ضمن قائمة ب 9 مطلوبين بتاريخ ال 29 من محرم الماضي.