أكد تقرير الاستخبارات الأمريكية حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الذي نشر الجمعة بعد شطب فقرات منه، أن الكرملين سعى إلى إضعاف المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون ومساعدة دونالد ترامب. ولا يتضمن التقرير الذي تسلمه الرئيس باراك أوباما والرئيس المنتخب دونالد ترامب بنسخته المفصلة سوى قليل من المعلومات الجديدة مقارنة مع ما تم تسريبه من قبل. ويهدف التقرير إلى البرهنة بأن وسائل الإعلام الروسية اتبعت خطّاً مؤيداً لترامب خلال الحملة التي انتهت بانتخابه في 8 نوفمبر. ويتكتم التقرير على المصادر وطرق الحصول على المعلومات وهو الأمر الذي لن يؤدي إلى إقناع المشككين بنتائجه، لكنه ولأول مرة يعلن بوضوح أن الكرملين اتخذ موقفاً منحازاً وإن كان لا يسعى إلى إثبات أن الرئيس فلاديمير بوتين غيّر نتيجة الانتخابات. وكتب مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" ووكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" ووكالة الأمن القومي إن "بوتين والحكومة الروسية كانوا يفضلون بوضوح الرئيس المنتخب ترامب وسعوا إلى زيادة فرصه في الفوز عندما كان ذلك ممكناً عبر إضعاف مصداقية هيلاري كلينتون وتقديمها في صورة غير مؤاتية بالمقارنة" مع المرشح الجمهوري. وكتب التقرير أن تدخل روسيا في الانتخابات ليس بجديد لكنه كان أكبر "لجهة طابعه المباشر ومستوى نشاطه واتساع نطاقه". وقدم التقرير أبرز المعلومات التي تضمنها في ستة أسئلة؛ الأول: "هل يحمل التقرير أدلة ملموسة على التدخل الروسي"؟ ويجيب "لا. لا يقدم التقرير الذي نزعت منه معلومات مصنفة سرية سوى توليفة متماسكة لمعلومات معروفة عموماً". ولا تقدم الاستخبارات الأمريكية أي معلومة حول عمليات التنصت أو التجسس التي قامت بها بنفسها وأتاحت لها دعم استنتاجاتها. ولكن شركات خاصة أمريكية في الأمن المعلوماتي أكدت أن اختراق أجهزة كمبيوتر الحزب الديموقراطي تم من روسيا. التأثير على الانتخابات والسؤال الثاني "هل أضاف التدخل الروسي المفترض أصواتاً لصالح ترامب وأثّر على نتيجة الانتخابات؟" ولم تقدم أجهزة الاستخبارات إجابة لهذا السؤال. ويقول التقرير إن "الاستخبارات الأمريكية مكلفة بمراقبة وتقييم النيات والقدرات وتصرفات الفاعلين الأجانب. وهي لا تحلل العملية السياسية الأمريكية أو الرأي العام الأمريكي". أما السؤال الثالث: فهو "هل توقع الروس فوز ترامب؟" يجيب التقرير ليس حقّاً، وفق التقرير. سعى الكرملين في الأساس إلى أن تكون كلينتون في أضعف موقف ممكن تحسباً لوصولها إلى السلطة. وعندما بدأت الحملة الانتخابية، بدا أن موسكو كانت لا تزال تراهن على فوز كلينتون وكان دبلوماسيون روس مستعدين للتنديد بتجاوزات و"التشكيك في صحة النتائج" ووفق التقرير فإن "مدونين مقربين من الكرملين أعدوا حملة على تويتر مع وسم (ديموكراسي ريب) أي (وداعاً للديموقراطية) ترقباً لفوز كلينتون". السؤال الرابع "ماذا يقول التقرير عن الاختراقات المعلوماتية؟" دخلت الاستخبارات الروسية إلى أجهزة كمبيوتر وشبكات "فريقي حملتي الانتخابات التمهيدية ومعاهد بحثية وشخصيات مؤثرة" في رسم السياسة الأمريكية. وكتب التقرير إن جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي دخل "إلى حسابات البريد الإلكتروني الشخصية لمسؤولين في الحزب الديموقراطي" و"استخرج كميات كبيرة من المعطيات"، واستخدم "شخصية غوكسيفر 2.0 الوهمية (أفاتار)، وويكليكس ودي سي ليكس لنشر المعلومات" المسروقة والتأثير على الحملة. وأضاف أن روسيا اخترقت أجهزة الجمهوريين كذلك لكنها "لم تنظم حملة مماثلة لنشر" هذه المعطيات. وقال إن روسيا اخترقت ملفات انتخابية لدى السلطات المحلية لكنها لم تستهدف أنظمة فرز الأصوات. السؤال الخامس يقول "ماذا يقول التقرير عن عمليات الدعاية؟" ويجيب التقرير بأن جهاز الدعاية الروسي الذي يشمل وسائل الإعلام الحكومية وتلك الموجهة إلى الرأي العام الدولي مثل "روسيا اليوم" و"سبوتنيك" وشبكة من "المتصيدين الإلكترونيين" (ترولز) "ساهم في حملة التأثير وشكل منصة لنشر رسائل الكرملين". وأضاف أن تغطية حملة كلينتون كانت "باستمرار ذات طابع سلبي" على قناة "روسيا اليوم" وموقعها وأن "روسيا اليوم" اتهمتها "بالفساد وبأنها تعاني من مشكلات صحية جسدية ونفسية، وأنها على علاقة بالإسلام المتطرف". ووظفت روسيا كذلك "المتصيدين الإلكترونيين" لمهاجمة كلينتون ورسم صورة مؤيدة لترامب على مواقع التواصل، وفق التقرير الذي يشير خصوصاً إلى "وكالة البحث على الإنترنت" في سانت بطرسبرغ. وأخيراً يسأل التقرير "هل يخشى تكرار هذه الجهود الروسية للتدخل في الانتخابات؟ والإجابة كانت "نعم، نعتبر أن موسكو ستأخذ العبرة" من هذه الحملة من أجل القيام "بمحاولات جديدة للتأثير في العالم بأسره". أكد دونالد ترامب مجدداً ان عمليات القرصنة على نتائج الانتخابات. وأقر بإمكانية حصول عمليات قرصنة استهدفت الحزب الديموقراطي، وذلك عقب اجتماع له مع قادة أجهزة الاستخبارات. وقال ترامب في بيان صدر في ختام اجتماعه مع القادة إن أعمال القرصنة المعلوماتية لم تؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر الماضي. وأضاف "مع أن روسيا والصين ودولاً أخرى ومجموعات وعناصر في الخارج يحاولون بشكل دائم اختراق البنى المعلوماتية لمؤسساتنا الحكومية، ولشركاتنا وبعض المؤسسات مثل الحزب الديموقراطي، إلا أنه لم يكن لذلك أي تأثير على الإطلاق على نتائج الانتخابات". وتابع "كانت هناك محاولات قرصنة للحزب الجمهوري، لكن الحزب أقام دفاعات قوية ضد القرصنة، والقراصنة فشلوا".