أليس من الجنون أن تحاول ولوج البحر من بوابة صغيرة لشاليه وأنت تملك كل هذا الساحل الفردوس؟ بعض الأشخاص يفضل أن يجلس على البحر من خلال شاليهات كأنها زنزانات ليحتسي الكولا ويسترخي تحت مظلة تاركاً هذا الفردوس.. وعندما لا يجد تلك المظلة والكولا يبدأ في شتم الأثرياء والتباكي على فقدان متعة الجلوس على البحر. لكن الشباب الذي يفهم معنى الفن الحقيقي يدرك تماما أن جمال البحر يكمن في نعومة رماله وصخب أمواجه وملاسة صخوره وصفاء زرقته وليس في طاولة وصينية كراوسون جبنة وعصير برتقال فريش على الشاطئ. عندما أتتبع فيديوهات اليوتيوب ومقاطع الستاند أب كوميدي وعدد اللايكات التي تصل إلى الملايين أشعر بالرثاء على السلحفاة النائمة «النادي الأدبي الثقافي» وأختها السلحفاة التي قامت تسابق الأرنب «جمعية الثقافة والفنون». هذا الرثاء ليس فيه أمنيات بالإفاقة أو الوصول إلى نهاية الخط؛ لأن خط الإبداع لا نهاية له، ولأن الميت كالصخرة لا يفيق ولا يشارك ولا يشعر بطموحات الأحياء.. إنما الأسى على من يظن أن بوابة البحر هي شاليه يسرق تعبه وأنفاسه من خلال مظلة وقارورة كولا وقشة. لكن ماذا عن الفن المسرحي؟ هل يستطيع هو أيضا الاستغناء عن بوابة المنتجع والشاليه؟ لا أعتقد؛ لسبب واحد وهو أن المسرحي في حاجة إلى مكان منظم يستطيع من خلاله تقديم ما لديه من إبداع. يحتاج إلى ساحة كبيرة وإضاءة وطقس بارد مكيف ليقدم فنه ويجتذب الزوار إليه. هنا لابد أن نفكر في بديل عن عالم السلاحف. لماذا لا تقدم هيئة الترفيه خدمة توفير مسرح للفرق المسرحية وفرق الستاند أب كوميدي وكل الفرق التي تحتاج إلى إطلالة بحر دون رسوم موجعة، ويكون ما يقدمه الفنانون والكتاب والمخرجون الشباب تحت إشرافها وتنظيمها؟ في السنوات الماضية وجدت عناء كبيراً عند تقديم مسرحياتي منها: «مالي سواك يا وطن» على مسرح الأمير محمد بن عبدالعزيز، ومسرحية «سنوويت والممرضات الثلاث» على مسرح جامعة طيبة، ومسرحية «رشة سكر» على مسرح مركز المدينة الثقافي. المعاناة في المسرحية الأولى كانت مع مظلة السلاحف التي لم تقدم ولا حتى علبة فشار..! معاناة المسرحية الثانية كانت في الدخول للحرم الجامعي، وهو حرم بكل ما تعنيه الكلمة، فأي أحد من خارج الجامعة لم يصرح له بالدخول ولو كان من أولياء أمور الممثلات والطاقم المسرحي. في التجربة الثالثة التي خضتها وهي الأجمل بصراحة، مع جمعية سكّر الخيرية، كانت المعاناة في ميزانية ضئيلة جدا ومسرح ضعيف التجهيزات المسرحية. ولكن مع كل هذا الضنك يظل العمل المسرحي تعباً لذيذاً. نأتي لدور المنتجع والشاليه، وأعني بذلك السيدة هيئة الترفيه، التي نزلت علينا من السماء كالمطر الذي لا نعلم أين يسيل، إنني أطالبها بإنشاء منصة تقديم ومسرح بكامل تجهيزاته. ويصبح دور هيئة الترفيه هو تذليل ما يواجه الشباب والشابات من صعوبات في تقديم ما لديهم من فن وإبداع؛ إذ يكفي أن تتقدم كل فرقة فنية شبابية واعدة وكل فرقة مسرحية جادة بطلب منصة للعرض تحت إشرافها مع موافقة من وزارة الثقافة على العمل دون الحاجة إلى بصمة بطيئة من عالم السلاحف، ودمتم.