رسمت ميزانية المملكة للعام المقبل خارطة طريق لاقتصاد المملكة مدتها أربع سنوات تطبق من خلالها برنامج التحول الوطني، وقد ظهر ذلك بوضوح في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حيث قال: إن اقتصادنا – بفضل الله – متين، ويملك القوة الكافية لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الحالية وهذا نتيجة – بعد توفيق الله – للسياسات المالية الحصيفة التي اتخذتها الدولة، ونحن عاقدو العزم على تعزيز مقومات اقتصادنا الوطني، حيث تبنينا «رؤية المملكة 2030» وبرامجها التنفيذية وفق رؤية إصلاحية شاملة من شأنها الانتقال بالمملكة إلى آفاق أوسع وأشمل لتكون قادرة – بإذن الله تعالى – على مواجهة التحديات، وتعزيز موقعها في الاقتصاد العالمي، إن رؤيتنا ليست فقط مجموعة من الطموحات، بل هي برامج تنفيذية لنتمكن – بحول الله – من تحقيق أولوياتنا الوطنية وإتاحة الفرص للجميع من خلال تقوية وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص، وبناء منظومة قادرة على الإنجاز، ورفع وتيرة التنسيق والتكامل بين الأجهزة الحكومية كافة، ومواصلة الانضباط المالي، وتعزيز الشفافية والنزاهة. وقد عكست أرقام الميزانية كثيراً من التوقعات الإيجابية وأحبطت العيون المتربصة، وما أثار الانتباه لدى المحللين الاقتصاديين هو الزيادة في الإيرادات والمصروفات وانخفاض العجز من 340 ملياراً عام 2016 إلى 198 ملياراً في ميزانية 2017. وقد حملت ميزانية هذا العام ملامح بارزة من خلال ما يطرحه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز من رؤى ناجحة في معالجة الوضع الاقتصادي والانتقال من مرحلة الدولة المستوردة إلى الدولة المصدرة، وكذلك وضع الخطط الاستراتيجية لاقتصادات المعرفة التي تسعى الدولة للوصول إليها خلال السنوات الأربع المقبلة.وتعطي الدولة أولوية خاصة لتنميتها الاقتصادية المتصاعدة وتقليص اعتمادها الكلي على النفط والعمل على تنويع مصادر الدخل. وأرقام الميزانية تشير إلى أهمية العمل على دعم الاقتصاد السعودي وتفعيل رؤية المملكة 2030 وهو دعم يتضح من خلال الخطوات المبذولة عبر الشراكات التي عقدتها المملكة مع كبريات الدول الصناعية في العالم لتسريع الوصول إلى أقصى ما يمكن الوصول إليه من ارتقاء اقتصادي مأمول في سرعة قياسية، وهذا ما يحدث على أرض الواقع من خلال تلك الشراكات ومن خلال التصميم على صناعة اقتصاد حيوي جديد وقوي ومتماسك. وما يميز ميزانية العام الجديد مستوى الإفصاح في الإيرادات وتوزيعها، وفق المصروفات واستحقاق كل جهة.. وهو توجه يعكس مستوى الشفافية التي يعمل الجهاز الحكومي، خاصة القطاعات المعنية في رسم ومتابعة السياسات المالية. إيرادات القطاع غير النفطي من أكثر التوجهات التي نعتقد أنها تعزز روح التفاؤل، وصولاً إلى مستوى قياسي في إيرادات هذا المسار التي يتوقع أن تصل إلى تريليون ريال بحلول عام 2030م. القطاع الخاص الذي نرى بأنه سيكون حجر الزاوية في مرحلة التحول وصولاً للعام 2020، تلقى بالأمس رسالة مهمة عندما أكد وزير المالية أن أي مستحقات مقبلة للقطاع سيتم صرفها خلال ستين يوماً كحد أقصى، لذلك نعتقد أن المرحلة المقبلة ستكون بيئة خصبة لهذا القطاع، للتنافس والمساهمة في مشاريع التنمية، والشراكة مع القطاع الحكومي، وسيكون للقطاع الخاص دور أكبر في المرحلة المقبلة ويصبح محوراً رئيساً في الاقتصاد الوطني.