تعكف الأحزاب السياسية في الجزائر على تشكيل قوائمها الانتخابية في سرية تامة حتى لا تتسرب إلى باقي الأحزاب المنافسة، لأن معرفة رأس القائمة من شأنه أن يدفع بقية الأحزاب إلى تغيير ترشيحاتها. وتبدو قوائم أحزاب التحالف الرئاسي الأكثر إثارة للجدل، وفي مقدمتها حزب جبهة التحرير الوطني صاحب الأغلبية البرلمانية، والذي تمكن أمينه العام، عبد العزيز بلخادم، من رأب الصدع مع تيار التقويميين في الجبهة، والذي طالب بإقالته من رأس من الحزب والذهاب إلى مؤتمر استثنائي لاختيار قيادة جديدة.وأعلن بلخادم، في مؤتمر صحفي، أن الخلاف بين الجناحين المتصارعين على قيادة الحزب انتهى، وأن «الإخوة الأعداء» سيدخلون بقوائم تحمل اسم الحزب وليس بقوائم موحدة. ويأتي ذلك بعد تهديد الجناح المناوئ لبلخادم داخل الحزب بخوض الانتخابات البرلمانية بقوائم حرة، مما أثار ارتباكا في صفوف الجبهة في عدة محافظات. وكان منسق التقويميين، أو ما يعرف بالحركة التصحيحية بقيادة الوزير السابق صالح قوجيل، صرح للصحافة بأن قواعد حركة التقويميين انتهت من اختيار مرشحيها بطريقة ديمقراطية غير أن المشكلة تكمن في تأخر الطرف الآخر، في إشارة إلى جبهة عبد العزيز بلخادم، في حسم اختيار مرشحيه، «الأمر الذي سيؤدي حتما إلى تأخير الاتفاق بين الطرفين»، على حد قوله. وهدد قوجيل، الذي يحمل عضوية المكتب السياسي لجبهة التحرير، بتقديم قوائم حرة باسم الحركة التقويمية إذا لم يسارع عبد العزيز بلخادم تنفيذ بنود الاتفاق بين الطرفين. ويرى مراقبون أن تكتل الإسلاميين دفع إلى عقد صلح ولو ظرفي داخل جبهة التحرير حتى لا يفقد الأغلبية في الدورة المقبلة، حيث تعهد عبد العزيز بلخادم بالاستقالة هو والمكتب السياسي حال الفشل في امتحان التشريعيات الذي يبدو صعبا هذه المرة. وكشف الأمين العام للجبهة أنه تسلم حوالي 3409 ملفات ترشح، بينهم 702من النساء، وبينهم 66 مجاهدا (حاربوا الاحتلال الفرنسي)، و153 ملفا لأبناء شهداء (ممن استشهد آباؤهم في حرب التحرير الجزائرية)، ويشكل الجامعيون 61 % من المرشحين بواقع 2094 مرشحا. وعلى غير العادة، اختلطت الأمور في «تكتل الجزائر الخضراء» الذي التف حوله ثلاثة أحزاب إسلامية رئيسية، وهي حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، ومرد هذه الأزمة هو توحيد القوائم الانتخابية بين التشكيلات الثلاثة. ولم يلق ترتيب قوائم التكتل توافقا بين قياديي الحركات الثلاث على المستوى المحلي كما هو الشأن في ولاية المدية (جنوب العاصمة)، حيث تصدر رأس قائمة التكتل أمين عام حركة النهضة فاتح ربيعي، ونفس المشهد عاشته ولاية مستغانم في الغرب الجزائري. ودفعت هذه الخلافات مناضلي حركة مجتمع السلم إلى هجرة شبه جماعية من صفوف الحزب نحو أحزاب أخرى، ويستغل غريم حركة مجتمع السلم، حزب جبهة التغيير بزعامة عبد المجيد مناصرة ذلك التصدع لاستقطاب المناضلين الغاضبين نحو حزبه الجديد. ولم يعد يفصل عن موعد إيداع الترشيحات إلى مصالح الداخلية الجزائرية سوى 14 يوما للمصادقة عليها، فيما اشترطت أحزاب تقديم الموعد على مستوى لجانها الانتخابية لتمكين قياداتها من إلقاء نظرة على القوائم وإمكانية إعادة ترتيبها وحل الخلافات، وتجري الانتخابات في 10 مايو المقبل.