دعا منبر الحرمين شباب الأمة إلى إسقاط الرايات المشبوهة، ودحض الشعارات الزائفة، وأن يستظلوا بظلال السيرة النبوية الوارفة، لاسيما في هذه الأزمنة المعاصرة، حيث الغلو والإرهاب والطائفية وكثرة البدع والأهواء، وحيث يعاني إخواننا في بقاع شتى صنوفاً من الصراعات والقتل والتشريد، وما حال المجازر التي روعت حلب عنا ببعيد، مؤكدا على أهمية دعم المستضعفين في مواطن الصراع التي أصابت بلاد المسلمين، حتى يرفع الله البلاء عنهم. وقال الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، إن السيرة النبوية زخرت بصور وضيئات تجسدت فيها مقاصد الشريعة الإسلامية، فالمقصد العام من الرسالة المحمدية هو الرحمة بالإنسانية، وما ذلك إلا بالدعوة إلى توحيد رب العالمين وإتمام مكارم الأخلاق. وتساءل: «أين لنا بحفظ الضروريات كما حفظتها لنا سيرة خير البريات صلى الله عليه وسلم، فليس أبهى ولا أجمل في جانب حفظ الدين وجوداً وعدماً من نصح وتوجيه النبي الأمين لعموم المسلمين، وإبراز جوانب العقيدة ومعالم الدين، ومن معالي المقاصد في السيرة النبوية؛ النهي والزجر عن قتل النساء والشيوخ والجرحى والزَّمنى والمرضى والرهبان، كل ذلك حفاظاً للنفس عن الهلاك، وجاء أيضاً النهي عن قتل الأطفال والصبيان حفظاً للنسل، كما تألقت أيضاً بحفظ العقل؛ فجاء النهي النبوي الكريم عن المسكرات والمخدرات وكل ما من شأنه تغييب الوعي والفكر، كما نهى أيضاً أن يكون المسلم ضعيف الرأي إمعة، كما تصدى للأفكار الجانحة عن الوسطية والاعتدال. ودعا الشيخ السديس علماء الأمة أن يبينوا للعالم أجمع وبكل الفخر والاعتزاز، مقاصد السيرة السنية، وما اكتترت من رحمة وعدل وسلام وأخلاق فريدة وأمن ووئام، فلم تكن حاجة الأمة في عصر من العصور إلى الاقتباس من مشكاة النبوة ومعرفة السيرة العطرة معرفة اهتداء واقتداء؛ أشد إليها من هذا العصر، حيث فاءت الأمة إلى يباب التبعية والذيلية والوهن، وصارت والتنافر والتناثر في قرن وشط بها المزار عن ذلك الهدي المتلألئ الوضاء المدرار، وصارت مقدسات المسلمين يعيث فيها أعداء الإسلام فسادا، وها هم يصعدون عدوانهم وإرهابهم في مسرى سيد الثقلين وثالث المسجدين الشريفين، أقر الله أعين المؤمنين بفك أسره من الصهاينة الغاضبين وجعله شامخا عزيزا إلى يوم الدين. كما دعا شباب الأمة أن يسقطوا الرايات المشبوهة ويدحضوا الشعارات الزائفة ويستظلوا بظلال السيرة الوارفة، فهي الرصيد التاريخي، والمنهل الحضاري، والمنهج العلمي والعملي، الذي تستمد منه الأجيال المتلاحقة من ورثة ميراث النبوة، وحملة مشاعل الهداية؛ زاد مسيرها وأصول امتدادها وعناصر بقائها، ولنجلي للعالمين محاسن هذا الدين بمزيد التمسك بهدي سيد المرسلين، وما أحوجنا إلى قراءة السيرة النبوية قراءة مقاصدية لنستشرف مآلات الأفعال وسط عالم تغمره أمواج الفتن ويعاني إخواننا في بقاع شتى صنوفاً من الصراعات والقتل والتشريد، وما حال حلب وأهل الشام عنا ببعيد وكذا إخواننا في العراق واليمن وبورما وأراكان .وفي المدينةالمنورة أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، في خطبة الجمعة، أن ما يحصل للمسلمين من الكرب والابتلاء، والمصائب الفردية والجماعية والدولية يجب أن يجعلهم في موضع محاسبة، وموطن تساؤل عن علاقاتهم بربهم، ومدى تمسكهم بدينهم، والتزامهم بسنة نبيهم عليه أفضل الصلاة والتسليم، مبيناً أن هذه المصائب لا يقدر أحدٌ من البشر على دفعها، فينبغي أن تكون أسباباً دافعة لهم ومحفزةً للمسلمين لتعاملهم في كافة مسالكهم وتوجهاتهم، وليرفعوا عنهم الغفلة التي أًصابتهم فيما يتعلق بالتقصير في التزامهم بشريعة ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. وبين أنه متى ما حقق المسلم هذا الأصل في نفسه ومجتمعه، صار له مخرجاً من كل شيء ضاق عليه، متى ما تمسكت مجتمعات المسلمين بهذا الأصل تمسكاً كما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم والثلّة الأولين من سلف هذه الأمة في شؤونهم كلها؛ صلحت أحوالهم وطابت حياتهم، وتيسّرت أمورهم، تحققٌّ أمنهم وأمانهم، واندحر عدوهم، متى ما تمسكوا بتقوى الله جلّ وعلا حاكم من حكام المسلمين أو مسؤول بذلك تحقّق عزه، وعلا شأنه، وقوي ملكه، ودام في الحياة سؤدده، وحسن منقلبه ومآله لقوله جل وعلا: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فمهما أصابهم فإن معية الله الخاصة معهم يحفظهم ويكلأهم ويرعاهم. وأوضح أن ما أصاب المسلمين في حلب الحبيبة من مجازر مروّعة، بلغت في القسوة ما لا حدّ له، ولكن لئن طال المصاب فلنتضرع للعزيز الوهاب، وندعوه خوفاً وطمعاً، ونخلص له العمل، مورداً قول الله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ)، وقوله سبحانه: (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ). ودعا آل الشيخ المسلمين إلى أن تكون وصية الله حاضرة في حياتهم كلها، مذكّراً أن من أسباب دفع البلاء ورفع المصائب، الإحسان بألوانه المختلفة، ومنها الصدقة ومعاونة المحتاج لاسيما إخواننا المستضعفين في مواطن الصراع التي أصابت بلاد المسلمين كحلب والموصل واليمن وبورما وفلسطين وغيرها، مذكراً تجّار المسلمين بالمسؤولية العظيمة عليهم تجاه إخوانهم التي تعود عليهم بالخير العظيم في دينهم ودنياهم، داعياً إياهم أن يقدموا لأنفسهم، ويساعدوا إخوانهم، ويقدموا يد العون لكل فقير ومسكين، ليحفظ الله لهم أموالهم، ويبارك في تجاراتهم، ويدفع عن بلدانهم كل مكروه.