لم تكد تمرّ 24 ساعة على إطلاق حملة «إيوة اتجننا»؛ حتى هجمت فضيحة مدويّة لتختلط بهجوم المستهلكين على فروع «بنده»، ويضع مراقبو وزارة التجارة والاستثمار مكابحَ حادة للحملة التي هرعت إليها العائلات تحت تأثير «التخفيضات». مواد غذائية منتهية الصلاحية، أسعار سلع على الرفّ مختلفة عن أسعار المحاسبين، تخفيضات وهمية.. وقبل أن يهجم مراقبو التجارة؛ كشف المتسوقون، أنفسهم، «الوهم» الذي صنع زحامهم وتدافعهم على فروع شركة التجزئة العملاقة. أرادت «بنده» أن تمازح الجماهير بشعارٍ ضاحك «إيوه اتجننا»، لتقول لهم إن الأسعار «جنونية» في تخفيضاتها. لكن المزاح انتهى إلى جدّ الغرامات التي وقّعت وزارة التجارة والاستثمار أوراقها. وقبل ذلك تناول حملة الشركة العملاقة في وسائط التواصل الاجتماعيّ، بالصوت والصورة، ورصد تجاوزات ومخالفات خادعة. وأثبت المستهلكون أن جرّهم إلى خديعة «التخفيضات» ليس عملاً سهلاً. وفي وسط التواصل الاجتماعي، حيث مؤشّر الرأي العام، طالب مغردون ب «#مقاطعة_أسواق_بنده»، عبر «هاشتاق» تويتري، لأنها تمارس «استغلال حاجة المواطن البسيط. وتوقيت نزول الرواتب»، حسب تعبير أحد المغرّدين. فيما رأى المغرد معاذ الشبانات أن «الدعاية المضللة هي من تحرك الافراد بدون وعي نحو النزعة الاستهلاكية»، وأضاف «الاستهلاك الترفي والساذج ظاهرة في مجتمعنا السعودي». وقال المغرد د. خالد آل سعود «قاتل الله الجشع يا «بندة».. من اليوم: مُقاطعة تامة – لا رجعة فيها – لأسواقكم». غضب المغرّدين ضد «بنده» توسّع في «هاشتاق» آخر؛ هو «#تخفيضات_بندة_الوهميه»، وسخر أحد المغرّدين قائلاً «اشتروا الزبادي منتهي الصلاحية! مفيد جدًا». وطالب مغرّد آخر ب «قيام حمله شعبيه لمقاطعة التجار وفضح جشعهم واستغلالهم للمواطن»، ضمن مشاركته في «هاشتاق» مختلف هو «#عروض_بنده_منتهيه». وقالت المغردة عبير البراهيم «هذه آخرتها يا بندة، تتاجرين بحاجة الناس وصعوبة المعيشة في هذه الفترة من اجل الربح الغير مشروع.. فعلا الطاسه ضايعة». ولم يكن الغضب وحده هو السائد في مواقع التواصل الاجتماعي؛ فهناك السخرية من الزحام، والعروض الوهمية، وطريقة تسوق الناس، وتصادم عربات التسوق. وأفرزت التغريدات المتلاحقة قائمة طويلة من أساليب التهكّم اللاذع. وتطايرت الصور ومقاطع الفيديو التي رصدت الناس في سلوكياتهم أمام بوابات فروع الشركة، وفي ممراتها، وعند أرفف السلع، وأمام المحاسبين. وتبادل الناس صورة كرسيّ متحرك تركه صاحبه في ممر أحد فروع «بنده» ومشى على قدميه، وكان تعليل ذلك حسب مَن تبادلوا الصورة أن «العروض قوية إلى حدّ أن المقعد مشى على قدميه»..! فكرة «الجنون» التي أرادت «بنده» حملها شعاراً؛ تحقّقت على أراض الواقع عمليّاً. فالجنون بدأ بتصميم جريء، ثم تحوّل إلى زحام جماهير أمام بوابات فروع الشركة، ثم انتشر في هستريا تسوُّق وقعت فيها عائلات ومواطنون ومقيمون من كلّ الجنسيات، وامتدّ الجنون أمام المحاسبين طوابير طويلة، ليُختتم كلُّ ذلك في إجراء صارمٍ وقّعته وزارة التجارة والاستثمار في يومٍ لا يبدو أنه من أيام سعد الشركة العملاقة. وتحرّكت الوزارة عبر فروعها نحو فروع «بنده».. تحركت مستندة إلى بلاغات مواطنين أوصلوا للوزارة معلوماتٍ عن وجود «خداع» في حملة التخفيضات.. وما إن وصل المراقبون حتى أخذت معلومات البلاغات تتأكد.. مواد منتهية الصلاحية أو على وشك الانتهاء معروضة للبيع. إلى جانب سلع معروضة بأسعار محددة على الأرفف، لكن المحاسبين لديهم أسعار أخرى. ثم هناك العروض الوهمية التي وضعت سلعاً بأسعار لا تختلف عن الأسعار السابقة، وبعضها أعلى من الأسعار السابقة. وكشفت الوزارة عن الحقيقة وعن الإجراءات.. وقالت إنها ضبطت المخالفات الثلاث في ستة فروع: الرياض وحائل وحفر الباطن والخبر والقصيم وجازان. موضحة إيقاع الغرامات المقرة نظامًا.