حينما يبثُّون في حواراتهم مع الآخرين في جلساتهم وصوالينهم الأهليَّة أو في كتاباتهم وتغريداتهم وتعليقاتهم فكراً متطرِّفاً أو يؤيِّدون أصحابَه أو يتعاطفون معهم، ولا يجدون من الوسطيِّين وذوي الفكر المعتدل من ينبِّههم على منزلقاتهم الفكريَّة وعلى توجُّهاتهم المتطرِّفة فإنَّهم سيتمادون فيها، وسترتفع أصواتُهم بها، وسيطلُّون من مخابئهم برؤوسهم وبأسمائهم الصريحة بدلاً من معرِّفاتهم المستعارة، وسينتشون بذلك وسيتابعون مسيراتهم، فكما استخدموا المنهج الخفيَّ في مدارسنا وجامعاتنا ومن ثمَّ تجرؤوا فأعلنوه بنشره في كتيِّباتهم وكتبهم ومطويَّاتهم مكوِّنين مجموعاتٍ تغرِّر بغيرهم من المواطنين والمقيمين، وتجاوزوا ذلك لتكوين خلاياهم داخل الوطن وخارجه، ووصلوا لمرحلة الفعل والتنفيذ لترجمة توجُّهاتهم المتطرِّفة، ممَّا عرَّضَ أمن الوطن واستقراره لتأثيراتهم السلبيَّة ولأفعالهم الإرهابيَّة، فليتصدَّ المواطنُ باعتباره رجل الأمن الأول لهؤلاء وليكشفْهم حمايةً لوطنه ولمنجزاته في نسختهم المعاصرة المكوَّنة بمعظم خطوط ملامحها بجهات التَّواصل الاجتماعيِّ وبأسماء مستعارة وصريحة. وحينما يبثُّون الطائفيَّةَ فكراً وممارساتٍ أو يؤيِّدونها أو يتعاطفون معها حواراً وكتابة وتعليقاتٍ وتغريدات، ولا يجد أولئك من عقلاء مذهبهم من يرشدهم إلى منزلقاتهم وانحرافاتهم الفكريَّة المشينة المتعارضة مع الوطنيَّة مساراً ونتيجةً وتأثيراً وقصوراً بنهوضهم بحقوق الوطن وبواجباتهم تجاهه، سيظنُّ أولئك أنَّ عقلاء مذهبهم وطائفتهم الصامتين عمَّا يصدر منهم قولاً وفعلاً وتخطيطاً وتهييجاً ناشرين الكرهَ والفرقةَ بين المواطنين منتهكين بذلك توجُّهات آبائهم وأجدادهم للتعايش مع الآخر المختلف عنهم مذهباً دينيّاً، ستقودهم ظنونهم هذه فيطلُّون برؤوسهم من مخابئهم وسيعلنون أسماءهم الصريحة بدلاً من معرِّفاتهم المستعارة توهُّماً منهم بأنَّهم مدافعون عن طائفتهم المذهبيَّة مستحقُّون تقديرها ومساندتها، وهذا سيحفِّز آخرين من طائفتهم المذهبيَّة للإعجاب بهم فيكونون صيداً سهلاً لتغريرهم فتجنيدهم لأهدافهم وتوجُّهاتهم، والأحداثُ تنبئ بوصولهم لهذه المرحلة، وحينما ينبري الآخرون من المذهب الآخر لمواجهتهم دفاعاً، وربَّما وجدوا من عقلاء مذهبهم صمتاً أو مجاراة سيجد أولئك فرصةً للاستمرار بنشر أفكارهم الطائفيَّة المذهبيَّة، والنتيجة أنَّ أولئك وأولئك سيهدمون في الوطن الوطنيَّةَ والتعايشَ مع الآخر وسيقوِّضون أمنَه واستقراره بالمذهبيَّة المهاجمة والمدافعة، وسيجدون من أعداء الوطن من يدعم هؤلاء وهؤلاء بالتخطيط وبالمال للاستمراريَّة بتوجُّهاتهم الهادمة للوطن. وحينما تحرِّكهم المناطقيَّةُ والقبليَّةُ توجُّهاتٍ اجتماعيَّة ويبثُّونها فكراً بأشعارهم وبكتاباتهم وبتغريداتهم وتعليقاتهم ولا يجدون من عقلاء مناطقهم وقبائلهم من يحدُّ من توجُّهاتهم ويردُّ زيفهم ويتصدَّى لنعراتهم تلك، سيظنُّون بأنَّ عقلاءهم الصامتين راضون عن ذلك، وحينها سيرتدُّون لذواتهم معجبين بها ليخرجوا بما كانوا يطرحونه مناطقيَّةً وقبليَّةً على استحياء وخوفٍ من وقوعه بدائرة المستعاب وبمساسه بالثوابت الوطنيَّة، لينطلقوا معتبرين أنفسهم أصواتَ المنطقة أو القبيلة المنادين بحقوقها التنمويَّة والاعتباريَّة كما يتوهَّمونها، وسيتمادون في ذلك بأسمائهم الصريحة لا بمعرِّفاتهم المستعارة بغية وهجٍ إعلاميٍّ وثقافيٍّ تنشره وسائلُ التَّواصل الاجتماعيِّ ومواقع الصحف الإلكترونيَّة، والمواقف تنبئ بوصولهم لهذه المرحلة، وهكذا سيجدون من أعداء الوطن من يحفِّزهم ويموِّلهم للاستمراريَّة فيما اختطُّوه لأنفسهم وهم يهدمون الوطن بقصدٍ أو بدون أن يشعروا بذلك وبأنَّه سيرتدُّ عليهم بتأثيراته السلبيَّة من افتقادٍ للأمن وللاستقرار الوطنيِّ، فإلى متى وعقلاء الوطن صامتون عن أولئك؟، وإلى متى والجهات الأمنيَّة لا تعدُّ أولئك من المغرَّر بهم الضَّالِّين في توجُّهاتهم العابثين بأمن الوطن واستقراره؟!!. وحينما ينعقون بالشُّعوبيَّة شعاراتٍ وفكراً وبكتاباتٍ وتعليقاتٍ وتغريدات وبمؤلَّفات ضدَّ العرب وتراثهم وتاريخهم الماضي والمعاصر، ولا يجدون من الباحثين والمثقَّفين من يتصدَّى لهم بعقلانيَّة وبموضوعيَّة وبدراسات وتحقيقات تردُّ ادِّعاءاتهم وتنقضُ طروحاتهم فإنَّ أولئك سيظنُّون أنَّهم يحقُّقون أهدافهم المرسومة لهم من أعداء العرب الناقمين عليهم بتأثير سقوط كياناتهم الغابرة بفتوحاتهم الإسلاميَّة، فإلى متى لا يعدُّ نعيق هؤلاء مؤثِّراً سلبيّاً في الوطنيَّة وفي تماسك العرب في دولهم واستقرارها وأمنها، لا أستثير بذلك العرب في دولهم ضدَّ الشعوبيِّين من مواطنيهم ليواجهوهم كما يؤمِّله أعداء العرب الهادفين لزرع اختلافاتٍ وصراعاتٍ في الدول العربيَّة لاختراقها بالطائفيَّة كما فعل الفرس بالعراق وسوريّا واليمن ولبنان، ولكنِّي أطالب الباحثين والمثقَّفين أن يتصدَّوا بعقلانيَّة وبموضوعيَّة في حواراتهم وكتاباتهم ودراساتهم لإجهاض الشعوبيَّة حمايةً للوطنيَّة وللتعايش في الوطن العربيِّ الواحد، ولعدم قبول تدخُّلات أعداء العرب من دول الإقليم وغيرها، وهذا سيتحقَّق بالمعالجة الحواريَّة الفكريَّة في ضوء أمن الوطن واستقراره. ولكن حينما يجرَّم الوطنُ بأنظمته وتشريعاته كلَّ ما يعرِّض أمنه الفكريَّ واستقراره لهزَّاتٍ في مجال التطرُّف الفكريِّ والطائفيَّة المذهبيَّة والمناطقيَّة والقبليَّة والشُّعوبيَّة حيثُ تنشر الكره وتبثُّ الفرقة بين مواطنيه فتحقِّقُ أهدافُ أعدائه وتوجُّهاتهم للإساءة للوطن واختراقه فكريّاً وأمنيّاً، ولكن حينما تجرِّم أنظمة الوطن وتشريعاته ذلك قولاً وفعلاً وتأييداً وتمويلاً وتخطيطاً وتعاوناً مع أعداء الوطن وتجسُّساً عليه، بتفنيد هذه الأعمال الشائنة تفنيداً دقيقاً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاَّ وقد حدَّد تأثيرها السلبيَّ وعقوبتها المستحقَّة التي لن تجتهد فيها الجهاتُ الأمنيَّة والقضائيَّة اجتهاداتٍ تتطلَّب وقتاً طويلاً للحكم فيها ولتنفيذ أحكامها، حينها سيتوقَّف أولئك عمَّا يسيئون به للوطن ولمواطنيه وسيُحفظ أمنُه ويحمى استقراره، وسيجد أعداءُ الوطن أنَّهم وصلوا لطرقاتٍ مسدودة لا يستطيعون من خلالها الوصول لأهدافهم وتنفيذ مخطَّطاتهم بتجنيد مواطنين ضدَّ وطنهم، فليعزم الوطنُ على استكمال أنظمته وتشريعاته إجرائيّاً فيكوِّن لها لجاناً جادَّة عاملة منجزة تتكوَّن من مختصِّين من القانونيِّين والمشرِّعين والمستشارين والمفكِّرين والمثقَّفين والمشايخ ورجال الأمن، وأن ينجزوا مدوَّناتهم التشريعيَّة وأن يراجعها أمثالهم لاستدراك ما فاتهم أو لتعزيز ما توصَّلوا إليه، والله الهادي إلى سواء السبيل، حفظ الله الوطنَ وقياداته ومواطنيه من العابثين بأمنه واستقراره وتعايش مواطنيه.