عندما أعلن قائد الطائرة بأن أنظمة الملاحة تعرضت لعطل طارئ جراء صاعقة أصابت سطح الطائرة، وأننا نقود الآن بالنظام البشري الذي يعتمد على «الرؤية»، وفي المقابل بشّرهم بأن الطائرة سليمة تماماً من أي عطب آخر، في تلك اللحظات كان كل من في الطائرة مرعوباً خاصة من يعلمون فداحة الخطر، إذ إنهم أصبحوا كقشّة في وسط البحر. الهلع واليأس يسيطران على وجوه المضيفين والمضيفات، بل إن بعضهم بدأ يبكي. وحده قائد الطائرة الذي بدا متماسكاً، أو أنه يتظاهر بذلك من خلال صوته المهتز وهو يقول: سيداتي سادتي: اطمئنوا فنحن نمارس رياضة الطيران الشراعي، طائرتنا مبرمجة مسبقاً على ارتفاع ثابت واتجاه ثابت وسنصل لأقرب ساحل بعد ساعة من الآن ثم سنلتقط إضاءات أقرب المطارات لنهبط اضطراريّاً، لا تخافوا سنشرب قهوة الصباح في مكان جميل. حقّاً نحن في أزمة عظيمة، لا أحد يمكن أن يتنبأ إلا بالأسوأ، ليل داهم وفوق بحر متلاطم، الاضطراب سيد المكان، ثم البكاء، كل الوجوه هنا يائسة، رجل يكاد يختنق من الخوف، لم يبقَ مضيف إلا وتمسك به، هل حقّاً سأموت؟! هل نحن الآن في عداد المفقودين؟. الابتهالات والتوسلات لله هي ما اهتدى له بعضهم، كثيرون سجدوا في الأرض يدعون ويبكون بأن ينجيهم منها، أحدهم يصرخ احذفوا المقاطع السيئة من جوالاتكم، توبوا فلم تصلوا الغرغرة بعد. رجل واحد فقط يغط في سبات عميق، يبدو أن له ثلاث ليال لم ينم، صرخ ذلك الرجل الخائف يريد إيقاظه: قم تشهّد قبل أن تموت، لم يحرك ساكناً، نهره البقية: اسكت فهو أفضلنا حظّاً! يا رباه حتى الأطفال الرضع استشعروا الخطر وبدأوا يبكون، ربما ذكاء الأطفال فيما رأوه في وجوه آبائهم. وعلى مقربة من الساحل، صرخ الطاقم: لقد نجونا، عملت الأجهزة!!، صرخ الكابتن، أبشروا لقد نجونا، ونحن نرتب للنزول بأقرب مطار، بكى الناس ثانية، بكاء الفرح، نزلوا جميعاً عدا ذلك الرجل القلق فقد وجدوه ميتاً.