أكَّد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير أن الخروج على الملوك والسلاطين أساس كل شر وفتنة وبلاء، مستشهداً بحديث المصطفى- صلى الله عليه وسلم – (إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)، مبيناً أن أعداء الإسلام هم أول من يستثمر المظاهرات والثورات. منتقداً في الوقت نفسه السياسات الأممية ومجلس أمنها التي وكأنها تعاهدت على وأد الأمن ومحو وثائق السلم، فلم تعد المواثيق والعهود إلا حبراً على ورق. وقال في خطبته أمس الجمعة، إن على المسلمين أن يشكروا الله عز وجل على النعم والعطايا وأن يحمدوه على مادفع عنهم من النقم والبلايا وأن يعتبروا بمن حولهم فكم من وطن اختلفت فيه الكلمة وأنحل فيه عقد الولاية وسقطت منه هيبة الحكم فلا إمام ولا جماعة فتقاتل أهله وتمزق شمله وضاع أمنه. وأوضح أن الأمن إذا اختل عظم فقده، وعسر رده، والفتنة نائمة لا يوقظها إلا خبيث، ولا يقودها إلا خائن، ولا يرسلها إلا ظلوم، مشيراً إلى أن الفتنة تلقح بالتعريض وتنتج بالتحضيض وتقع بالتحريض وأي غاية يرجوها من لا صنعة له إلا دعوة الناس إلى الثورات والمظاهرات والاعتصامات والانقلابات والخروج على السلاطين وأصحاب الولايات، حيث أثبتت الحوادث والوقائع أن الخروج على الملوك والسلاطين أساس كل شر وفتنة وبلاء، مستشهداً بحديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم- (إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض). وقال البدير إن الفتن تبلوا العقول وتفضح الجهول وإذا اعتكر الباس وأشتجر الناس طاشت الأحلام وزلة الأقدام وحارة الأفهام إلا من زينه العلم وجمله الحلم وتخوف الإثم والظلم. وإذا التجت الأصوات واشتدت الخصومات وتعالت الصيحات، وقامت المظاهرات والثورات كان أول من يستثمر حدثها أعداء الإسلام الذين قامت سياساتهم على الاستخفاف بحقوق المسلمين، واستباحة أكل أموالهم بالباطل، واجتياح بلادهم وتدمير اقتصادهم، وإشاعة الفوضى في ديارهم، يتخذون تلك الأحداث وسيلة لتحقيق مأربهم الخبيثة. وأكد أن العدل لا ترسم حدوده وأحكامه وقوانينه القوة الغاشمة الظالمة، التي وقعت في الهوة وغرتها القوة، ولا تستوي حقائق الرحمة والعدل في قلوب الرحماء، وادعاءات يطلقها القتلة، الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على العالم، وحماة للحقوق ورعاة للسلم الأمن، وكيف يرعى السلم من زرع الثورات، وأيد الانقلابات، وأشعل الحروب وأضرم الصراعات ودعم الخونة. ولفت إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن الأمم المعاصرة ومجلس أمنها التي تعاهدت على إرساء السلم وتحقيق الأمن فكأنما تعاهدت على وأده وتعاقدت على محو وثائق للسلم ليست إلا حبراً باهت على ورق من شجر الغدر والخداع كما للسلام مواثق عبثت بها ريح السياسية شمالاً وجنوباً. وفي مكةالمكرمة أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم أن العنف من أعظم ما يهدد كيان الأسرة المسلمة، وهو شر كله والرفق خير كله وما كان العنف في شيء إلا شانه و ما نزع من شيء إلا زانه، وإن كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، العنف داء لا خير فيه وهو قبيح يعظم قبحه وضرره حينما يطال ذوي القربى، فإن العنف ظلم ووقعه على ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند. وقال في خطبة الجمعة إن الأسرة المسلمة ركن رئيس من أركان المجتمع المسلم المتكامل، التي لها الأثر البالغ في المجتمع قلَّ أو كثر، وأن الإسلام أكد أهمية الأسرة ومدى تأثيرها البالغ على المجتمع المسلم إيجاباً أو سلباً، كيف لا والأسرة هي أساس النشأ والتكاثر. وقال: إن العنف سلوك مشين متعمد يلحق الضرر جسدياً أو مالياً أو نفسياً وهو يصل في بعض المجتمعات شبه ظاهرة لتكاثر وقوعها وفداحة مغباتها، ولكن ما من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله، وإن ديننا الحنيف لم يدع لنا خيراً إلا دلنا عليه ربنا في كتابه العزيز، فقد قال الله سبحانه في محكم التنزيل: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ*). ولفت النظر إلى أن هذه تعد صورة واحدة من العنف الأسري وهي أعلاها خطراً وجرماً لبلوغها درجة إزهاق النفس بغير حق، وما دون ذلك من الصور لا يمكن حصره غير أن من أهمه الضرب المبرح، أو التهديد بالطلاق، أو الحرمان من النفقة، أو الظلم في العطية بين الأولاد أو بين الزوجات ونحو ذلك. وأشار الشريم إلى ما ينتج عن العنف من جرائم ووقوع في المسكرات والمخدرات هروباً من ذلكم الواقع المؤلم، وقد يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلكم ليصل درجة الانتحار من قبَل المعنف نفسه، ولربما تشربت الأسرة خلق العنف من ممارسة الوالدين لهما ليكرر الطفل ذلكم حينما يكبر فتصبح وراثة خلقية أو أن يصاب الأولاد بالقلق والاضطراب النفسي خوفاً من المستقبل فيكرهون الزواج ويكرهون الأسرة فينقلبون عبئاً ثقيلاً على المجتمع أمنياً واجتماعياً واقتصادياً وتربوياً. وحث المؤسسات التعليمية والإعلامية والاجتماعية العام منها والخاص على العناية بتلكم المضلة أيما عناية وذلك بالتوعية الفكرية المنضبطة وتحصيل سبل استقرار الأسرة في المجتمع.