أعلنت الأممالمتحدة استئنافها عمليات الإغاثة في سوريا بعد تعليقٍ لمدة 48 ساعة إثر هجومٍ عنيفٍ على قافلة مساعدات، في حين أحصى طبيبٌ في حلب مقتل 45 شخصاً بعد قصفٍ جوي مكثَّف على مناطق المعارضة. واتجهت قافلةٌ أمميةٌ محمَّلةٌ بإمداداتٍ طبية ومؤنٍ أخرى أمس إلى ضاحية المعضمية التي تحاصرها قوات بشار الأسد قرب دمشق. فيما تتطلع المنظمة الدولية إلى إرسال قوافل مماثلة في الأيام المقبلة إلى مناطق أخرى محاصَرة، داعيةً إلى السماح للقوافل بدخول حلب. كانت المنظمة علَّقت بصفةٍ مؤقتةٍ توصيل المساعدات برَّاً بعد مهاجمة قافلةٍ لها مؤلَّفةٍ من 31 شاحنة ليل الإثنين في أورم الكبرى غربي حلب، في حادثةٍ حمَّلت واشنطنموسكو المسؤولية عنها. وتحدث مستشار الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية، يان إيجلاند، عن «40 شاحنة على الحدود التركية السورية»، منبِّهاً في تصريحاتٍ أمس من جنيف «ستنتهي صلاحية الطعام الإثنين المقبل، السائقون نائمون على الحدود وهم على هذا الوضع منذ أسبوع». ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن مقاتِلاتٍ روسية وراء هجوم الإثنين الماضي. لكن موسكو نفت ذلك. وعدَّ إيجلاند الهجوم على القافلة الأممية في أورم الكبرى الأسوأ على الإطلاق على قافلة للمنظمة عبرت الحدود. ورأى أن الهجوم خلَّف «سحابة هائلة» على كامل نظام الحصول على إذن لإدخال المساعدات. وتطلَّع إلى «التمكن من دخول المعضمية»، واصفاً إياها ب «بلدة شديدة الأهمية، حيث يعاني الناس منذ فترة طويلة جدّاً ويشعرون بالضغط». وتحدث يان إيجلاند، في ذات الإطار، عن التطلُّع إلى إيصال مساعدات خلال أيام إلى بلداتٍ أخرى بينها مضايا والزبداني اللتان تحاصرهما قوات النظام قرب الحدود مع لبنان. ولاحظ إيجلاند أن الناس يتضورون جوعاً في مضايا التي انتشر فيها التهاب السحايا بشكل وبائي. وأوضح «نقوم بالتحميل ونأمل أن نذهب قريباً»، ماضياً في القول «نحتاج إلى إعادة تشغيل، نحتاج إلى استئناف التأكيدات والضمانات الأمنية لخط المساعدات الإنسانية». وأعلن مسؤول أممي آخر، هو رمزي عز الدين رمزي نائب المبعوث الخاص بسوريا، أن المنظمة الدولية تتطلع إلى اتفاق الدول الداعمة لعملية السلام في سوريا على إنقاذ وقف إطلاق النار، مما يتيح استئناف المحادثات السياسية خلال أسابيع. وأشار المسؤول إلى حصول الولاياتالمتحدةوروسيا على دعم دولٍ أخرى في «المجموعة الدولية لدعم سوريا» لإحياء خطتهما المشتركة لوقف إطلاق النار. وأبلغ رمزي الصحفيين في جنيف بقوله «من الواضح أن استئناف المحادثات سيستمد دعماً كبيراً من إحياء وقف العمليات القتالية، ذلك هو الهدف من الاجتماع»، في إشارةٍ إلى اجتماعٍ بدأ ظهر أمس في نيويورك لأعضاء المجموعة الدولية التي تضم 23 دولة ومنظمة. وأفاد مسؤولون بأن الاجتماع، الذي رأسته الولاياتالمتحدةوروسيا في أحد فنادق المدينةالأمريكية، استهدف محاولة إنقاذ العملية الدبلوماسية الرامية لوقف النزاع السوري. وكان وزراء خارجية دول المجموعة عقدوا اجتماعاً الثلاثاء على هامش الجمعية العامة الأممية. لكنه لم يستمر أكثر من ساعة ولم يسفر عن نتيجة، وقال مشاركون فيه إن الجو كان متوتراً حيث شهد تبادل اتهامات بين وزيري الخارجية الأمريكي، جون كيري، والروسي، سيرغي لافروف، بحسب ما أفاد موقع «فرانس 24» الإخباري. في سياقٍ متصل؛ اعتبر رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، الجنرال جوزيف دنفورد، أنه ليس من الحكمة تبادل المعلومات مع روسيا. وأوضح في إفادةٍ أمام مجلس الشيوخ في بلاده أمس «هذا لن يكون ضمن مهام الجيش إذا قررت واشنطنوموسكو العمل معاً في سوريا» و«لا أعتقد أن تبادل المعلومات مع الروس سيكون فكرة طيبة». ووصف الجنرال دنفورد الهجوم الذي استهدف قافلة مساعدات أممية في حلب الإثنين بعمل وحشي وغير مقبول. ورجَّح أن تكون روسيا نفَّذت الضربة، فيما لم يستبعِد تماماً دوراً لنظام الأسد. وأكد «ليست لدي حقائق، ما نعلمه هو أن طائرتين روسيتين كانتا في تلك المنطقة في ذلك الوقت، تقديري هو أنهما نفذتا الضربة»، مكمِلاً «كانت هناك أيضاً بعض الطائرات الأخرى في المنطقة تابعة للنظام في نفس الوقت أو قربه، لذا لا يمكنني أن أقول بشكل قاطع إن الروس هم من نفذوها. لكن من نفذها هم الروس أو النظام السوري». لكن وزارة الدفاع الروسية قالت إن طائرة أمريكية دون طيار من طراز «بريداتور» كانت تحلِّق في المنطقة وقت تعرُّض القافلة للهجوم. في غضون ذلك؛ أفاد شهودٌ ببدء إجلاء مئاتٍ من المعارضين السوريين من حي الوعر آخر موطئ قدمٍ لهم في مدينة حمص «وسط». وأوردت «رويترز» معلوماتٍ عن خط سير المقاتلين المغادرين الذين يصل عددهم الإجمالي إلى 120. وكتبت أنهم سيتوجهون بأسلحتهم الشخصية ومع عائلاتهم إلى شمال ريف حمص ثم إلى محافظة إدلب «شمال غرب»، علماً أن كلا المنطقتين تحت سيطرة المعارضة. ووفقاً للوكالة؛ يعدُّ الإجلاء جزءاً من محاولاتٍ من جانب النظام لإبرام اتفاقاتٍ على مستوى محليّ مع مقاتلي المعارضة في المناطق التي يُحاصِرها، بما يفضي إلى إرغامهم على الخروج عبر ممرات إلى مناطق أخرى تحت سيطرة معارضين آخرين. لكن هذا التكتيك ينال انتقاداتٍ بوصفه نتيجةً لعملية حصارٍ وتجويع. وتعدُّ المعارضة أسلوب الإجلاء الذي اتَّبعه النظام في مناطق أخرى نوعاً من التهجير القسري في إطار مخطط لتغيير التركيبة السكانية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأن عدة آلاف من مقاتلي المعارضة لا يزالون في الوعر. ولفت المرصد، في بيانٍ آخر، إلى تعرُّض مناطق في حلب تحت سيطرة المعارضة إلى ضرباتٍ جويةٍ ليل الأربعاء- الخميس هي الأعنف منذ أشهر، وهو نفس ما أكده معارِضون. واعتبر زكريا ملاحفجي، وهو رئيس المكتب السياسي لتجمُّع «فاستقم» المعارض، أن القصف كان الأعنف منذ أبريل، وأبلغ «رويترز» من تركيا بأنه ما من سلاحٍ لم يُستخدَم في هذه الضربات. كذلك؛ لاحظ مسؤول في الجبهة الشامية، وهي تجمُّع في حلب لمقاتلين مناهضين للأسد، أن الغارات كانت الأعنف منذ أشهر، محصِياً 15 غارة استهدفت منطقتين توجد جماعته فيهما. ولفت المصدر نفسه إلى قنابل حارقة بين الأسلحة المستخدمة في القصف، معتبراً الأمر نوعاً من الضغط على المعارضة ومحاولة روسية لإرغامها على الاستسلام. ووفقاً ل «رويترز»؛ فإن أغلب القتال الذي دار مؤخراً في حلب تركَّز في أحياءٍ تقع فيها كليات عسكرية ومواقع صناعية في ضواحي المدينة في الجنوب الغربي وليس على مناطق داخل المدينة نفسها. وقدَّم مدير مستشفى القدس في المدينة، الدكتور حمزة الخطيب، إحصاءً عن القتلى جرَّاء القصف ليلة الأربعاء- الخميس، مقدِّراً عددهم ب 45 شخصاً كانوا في مناطق المعارضة. فيما دعا وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، إلى حظرٍ مؤقت لتحليق جميع الطائرات الحربية في سوريا لمدة تصل إلى 7 أيام. واعتبر شتاينماير، في بيانٍ نشرته وزارته أمس، أن «الوضع في سوريا الآن دقيق للغاية». وشدد «السبيل الوحيد كي تكون أمام وقف إطلاق النار أي فرصة للنجاح هو حظر مؤقت لكنه حظر كامل لحركة جميع الطائرات الحربية ل 3 أيام على الأقل»، مستدركاً «يُفضَّل لو كان ل 7 أيام». على صعيدٍ آخر؛ ضربت مقاتلاتٌ تركية أهدافاً تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا بعد هجومين صاروخيين أمس على بلدة كلس الحدودية. وذكرت مصادر أمنية في تركيا أن الضربات حيَّدت كثيراً من المتشددين. وباتت كلس التركية، الواقعة على الحدود مع سوريا، هدفاً متكرراً لصواريخ «داعش» هذا العام. وأعلن رئيس البلدة، حسن كارا، إصابة شخص واحد جرَّاء هجومٍ بصاروخ أمس بعد قليلٍ من هجوم مماثل أسفر عن إصابة 6 أشخاص 5 منهم أطفال.