مع انتشار حمى شراء شهادات الدكتوراة في المملكة، يكون العتب علينا نحن في دفع الناس للتهافت على لقب الدال، فحينما نعين الوزراء نبحث عن الدكاترة، وحينما نعين أعضاء مجلس الشورى نبحث عن الدكاترة، وحينما تبحث بعض الصحف عن كتاب زوايا فيبحثون عن الدكاترة، وإن كانوا لا يفقهون شيئاً في الكتابة الصحفية. نحن ندفع الناس في المملكة للتهافت على حمل لقب الدال، بمزايا نمنحها لصاحبها ما أنزل الله بها من سلطان، فتشمر الناس عن سواعدها لنيل هذه الشهادة، فمنهم من يهبه الله القدرة على الدراسة فيحصل عليها بجهده، ومنهم من يشتريها للحصول على منافعها الجمة. للقضاء على هذه الحمى الدالية يجب ألا نعطي شهادة الدكتوراة أكثر من حجمها، لأنها علمياً شهادة أعلى في تخصص معين، وعادة يكون نظرياً، بمعنى حاملوها أفضل مكان لهم هو التدريس في الجامعات والعمل في مراكز الأبحاث لكن المجال العملي يقاس بالتجربة والخبرة والنتائج، لدينا في المملكة نأخذ دكاترة من فصولهم ونزجّهم في الوزارات فيفشلون فشلاً ذريعاً. ما نحتاج إليه في المملكة للقضاء على دكاكين بيع شهادات الدكتوراة، هو أن نقلل من أهمية شهادة الدكتوراة للحصول على المناصب، ونجعل معيارنا للمناصب هو الكفاءة المهنية والتجربة، حينها ستأتي الأجيال القادمة لا تكترث لنيل لقب الدكتوراة دون بذل الجهد المطلوب لها. حتى بعض دكاترة جامعاتنا ما إن ينتهي من بعثته يبدأ في انتظار منصب وزاري بدلاً من أن يتفرغ لطلبته، وللتحصيل العلمي، هذا الانتظار الذي ربما يتحول إلى سراب، وهو ما يقود دكاترة جامعاتنا أحياناً إلى الكآبة الجماعية في انتظار ما لا يجيء.