الضياع في الأماكن الغريبة أمر وارد، والأسوأ منه فقدان رفيق وسط الحشود، في الأولى ينتابك هلع طفل في الخامسة فقد أمه، وفي الثانية (يضحك عليك إبليس) فتتخيل كل السيناريوهات السيئة من موت وخطف وانهيارات نفسية لا متناهية، وفي الحقيقة لا يهم إن خط الشيب رأسك يا هذا أو كنتِ قد ربيت بشجاعة نصف دزينة من الأطفال، لأن هذا الهلع والخوف غريزة فطرية، الفارق فقط في عدد الدقائق التي تعود بعدها إلى السيطرة على الموقف، وأقصد بالموقف ضبط أعصابك لا إيجاد طريقك أو رفيقك. نحن اليوم على مشارف موسم الحج العظيم، وكل الحجيج تقبل الله منهم مقدماً يُعدون أنفسهم لهذا النسك ويتزودون له، بمعرفة آليته وأقسامه وفقهه، ومع انتشار التقنية ظهرت تطبيقات الهواتف الذكية التي تساعد الحجاج، فمن يبحث في التطبيقات يجد عددا كبيرا منها تشرح حتى بالرسوم المصورة كل ما له علاقة بالحج، ومن باب وزن الأهمية في تحميل هذه التطبيقات على الهواتف التي في الغالب تسرق أوقات مستخدميها كما هي العادة، لذا فإن الحاج حتماً قد حفظ ترتيب النسك قبل أن يحضر إلى المشاعر المقدسة، وإن عزت عليه مسألة في فقه الحج فسيجد من يفتيه لا محالة، بقيت المعضلة الأعظم والخوف الأكبر لدى الجميع، وهو الضياع وسط الزحام وفقد الاتجاهات اللازمة، سواء لإيجاد المخيمات أو التعرف على تقسيمات اتجاهات طرق المشاة والمركبات، وهذه المشكلة هي أكبر مخاوف الحجيج لأن الإنسان في خضم خوفه يفقد القدرة على التصرف السوي غالباً، وتغيب عنه تحت الضغط سرعة البديهة في معالجة الموقف، لذا وإن كان من بد لتحميل تطبيقات تساعد الحاج على أداء مناسكه بسلاسة؛ فإن تطبيقات الخرائط والملاحة هي ضالتهم، وبالمناسبة جوجل سيفشل فشلاً ذريعاً لأن كل الطرقات ستكون مخضبة بالأحمر كدم كبوش العيد، وخلال بحثي عن أفضل التطبيقات في هذا الجانب؛ فإن تطبيق «محدد الحج والعمرة الملاحي» الذي أطلقه البريد السعودي مشكوراً يتميز بمراحل عن غيره، نظير دقته في تحديد الطرقات والأزقة في المشاعر، وبيان المخيمات في مشعر منى بالأرقام وتعدد لغات التطبيق وسهولة الاستخدام. جمان: نأمل أن ينتسب الحجيج كلهم إلى حملات تنظم مسيرتهم، ونحن مع هذا الافتراض نقول؛ دعوا القيادة لغيركم وأعملوا قلوبكم بالنسك ولا تنسونا من صالح دعائكم.