يأخذنا الهلع والرعب في أغلب الأحيان حين حلول بعض الأمراض، فنتجه مسرعين إلى أقرب طبيب أو صيدلي أو ممرض حتى يشخص حالتنا ويعطينا بعض العلاجات التي غالبا ما تساعدنا ونشفى بإذن الله. نعم لقد هزم الطب أو كاد كثيراً من الأمراض التي تسببها الجراثيم أو فشل بعض أعضاء في الجسم، ولكنه وقف شبه عاجز أمام عديد من الأمراض النفسية مثل القلق، الخوف، الكراهية، واليأس، في حين يتزايد ضحايا هذه الأمراض بشكل مروع، وتتكاثر مضاعفات هذه الأمراض وكأنها تأثرت من شيء ما قديم في علاقاتها مع الجسد إلى أن تصل به إلى إخماده وسكونه إلى الأبد. القلق مرض حقيقي وليس وهمياً، له آلام شديدة ومضاعفات عديدة، نذكر منها: آلام المفاصل وتصلب العضلات، أمراض القلب وضيق التنفس، أمراض الغدة الدرقية والسكري، أمراض المعدة وعسر الهضم مع زيادة الغازات، أمراض عصبية ونفسية منها توتر الأعصاب والإرهاق وحتى الجنون، الموت المفاجئ، الشيب المبكر وتجعد جلدة الوجه. داخل الإنسان حشد كبير من الغرائز والطبائع والشهوات الفطرية والخلقية ليس من السهل التحكم فيها، فيسعى القلق ومشتقاته سعيا حثيثا إلى النفس من خلال عوامل عديدة أبرزها فشل في الحياة الاجتماعية مثل الزواج، كارثة مالية، وحزن عميق، الوحشة والانفعالات المستمرة، فرغم تشبعنا بالمبادئ لا نستطيع المثابرة على تطبيق جميعها، فما نحن إلا بشر لا نملك إلا أن نغضب ونفرح، نحب ونكره، ننتقم ونسامح. إن الله يغفر لنا أخطاءنا لكن جهازنا العصبي لايغفرها قط، فإذا شئت أن تقهر القلق وتكافحه فما عليك إلا أن تعتدل نفسيا وجسديا، فلا تطلق العنان لغرائزك أو تتنّكر لها وتكبتها، وأن تنعم أقصى النعيم بما ملكت يداك قبل أن تتوسد اللحد، وأن تعيش في نطاق يومك ومؤهلاتك، وأن لا تقلق على المستقبل، انظر إلى الجانب البهيج للحياة، وثق بالله واعتمد عليه، وذكّر نفسك دائما بالثمن الفادح الذي يتقاضاه القلق من صحتك.