توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس بمواصلة حملة التطهير التي تجريها السلطات منذ الانقلاب الفاشل، معتذراً من الأتراك لعجزه في السابق عن «كشف الوجه الحقيقي» للداعية فتح الله غولن. وتتهم أنقرة الداعية الإسلامي المقيم في الولاياتالمتحدة بتدبير انقلاب 15 يوليو وطالبت واشنطن بتسليمه. وبدأت السلطات ردّاً على الانقلاب حملة تطهير واسعة تشمل قطاعات الجيش والتعليم والقضاء والصحافة وحتى الصحة والرياضة تستهدف كل من يشتبه في انتمائه إلى شبكة غولن. وقال الرئيس التركي في مؤتمر لرجال الدين في أنقرة «ولى زمن الشك وبدأت مرحلة النضال»، فيما تتوالى الانتقادات الخارجية لاتساع نطاق حملة التطهير. وأضاف «من الآن فصاعداً، كل من يصغي إلى هذيان هذا المشعوذ، هذا الزعيم الإرهابي في بنسيلفانيا عليه تحمل تبعات ذلك». واعتذر أردوغان لعجزه عن «الكشف منذ زمن طويل عن الوجه الحقيقي لهذه المنظمة الخائنة» معتمداً نبرة تواضع غير معهودة. وقال «لقد ساعدت شخصيّاً هذه المجموعة رغم الخلافات معها حول مسائل كثيرة، ظانّاً أن الاتفاق ممكن استناداً إلى أقل نقطة توافق، تساهلنا معهم». وتابع أن فضيحة الفساد الكبرى في 2013 كشفت «للمرة الأولى وجههم الحقيقي» في إشارة إلى شبكة غولن التي يتهمها نظامه أيضاً بالوقوف وراء فضيحة الفساد. وبدأ تدهور العلاقات بين أردوغان وغولن مع فضيحة الفساد التي طالت وزراء مقربين من أردوغان وأفراداً من عائلته بعد أن كانا حليفين مقربين في أثناء تولي أردوغان رئاسة بلدية إسطنبول في التسعينيات ورئاسة حزب العدالة والتنمية بعد وصوله إلى السلطة في 2002. من جهته، أقر الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيون ياغلاند أمس في تركيا «بالحاجة لتطهير» المؤسسات في هذا البلد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو. وياغلاند هو أول مسؤول أوروبي يقدم دعمه لأنقرة في حملة التطهير الواسعة النطاق الجارية حالياً في البلاد. لكنه ذكّر بضرورة احترام دولة القانون فيما تجري ملاحقة مناصري الداعية فتح الله غولن. وقال الأمين العام لمجلس أوروبا بعد لقائه وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو «أود القول إنه كان هناك تفهم قليل جدّاً من جانب أوروبا لموضوع التحديات التي أنتجها (الانقلاب الفاشل) بالنسبة للمؤسسات الديموقراطية والدولة في تركيا». وقال ياغلاند بخصوص مناصري غولن «أقر بأنه بالتأكيد كان من الضروري التصدي لهؤلاء الذين يقفون وراء هذا الانقلاب الفاشل وهذه الشبكة السرية أيضاً التي اخترقت مؤسسات الدولة والجيش وكذلك القضاء». وأضاف ياغلاند «لقد أبلغنا بهذا الأمر منذ فترة طويلة (شبكات غولن). وبالتالي نرى هناك حاجة لتطهير كل هذا» وذلك قبل لقائه الرئيس رجب طيب أردوغان ثم رئيس الوزراء بن علي يلديريم. وتابع «لكنه أيضاً من المهم جدّاً أن يكون ذلك متطابقاً مع دولة القانون ومعايير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان». وأكد أن هذه الاتفاقية «تذكر مبادئ مهمة جدّاً مفادها أن كل شخص بريء طالما لم تثبت إدانته». وأشاد ياغلاند بواقع أن الحكومة التركية وافقت على العمل «مع خبراء مجلس أوروبا لكي يتم ذلك بشكل مناسب». وتركيا عضو منذ 1949 في مجلس أوروبا الذي يضم 47 دولة ومهمته الرئيسة الدفاع عن حقوق الإنسان ودولة القانون.